مذكرات العزل: اليوم الثالث علينا ان ننتصر
في السابع والعشرين من شهر مارس، تم فرض حظر التجوال في جميع أنحاء الجمهورية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد. يعم الهدوء في جميع أنحاء البلد من الساعة السادسة مساءًا حتى السادسة صباحًا في اليوم التالي
القصص التي نشاركها معكم هي قصص رواها أعضاء مجتمع الجامعة الأمريكية يعبرون عن كل ما يشعرون به، كيف يقضون يومهم أثناء العزل المنزلي، وليخبروا الجميع عن تجربتهم مع التعلم عن بعد
.في اليوم الأول والثاني، شارك طلاب ومحرري القافلة رحلتهم معنا
.في تلك الفترة، نود أن نوثق كل يوم وكل لحظة نمر بها، لذلك نرغب في أن تستمع إلى مجتمع الجامعة كله من الطلاب إلى أعضاء هيئة التدريس
إن كنت ترغب في مشاركة قصتك معنا، راسلنا على caravannews@aucegypt.edu
اليوم الثالث: 29 مارس 2020
عدد الإصابات في العالم: ٧٢١،٩٤٦
عدد الوفيات في العالم: ٣٣،٩٦٦
عدد الإصابات في مصر: ٦٠٩
عدد الوفيات في مصر: ٤٠
حديثي اليومي مع نفسي أثناء العزل: علينا ان ننتصر
لبنى ضياء
طالبة إدارة أعمال تخصص مالية، ومحررة في القافلة
أشرقت شمس يوم جديد ومعها بدأ يومي، ها هو يومًا أخر من أيام الحجر الصحي، فربما للبعض هي الأيام الأولى ولكن هذا هو يومي الثامن عشر، فمنذ أن بدأ فيروس كورونا المستجد في الانتشار وأنا قررت ألا أعرض أهلي ونفسي لهذا الخطر فقررت ألا أخرج إلا للضرورة
.أنا هنا بسريري أقوم بحديثي اليومي مع نفسي. عندما أفكر أجد أن تناقضات أفكاري ومشاعري في هذه الفترة كبيرة، فكل فكرة تصارع الأخرى وكل إحساس يريد أن ينتصر
فالخوف يحارب السلام والسعادة تحارب الحزن وأنا بينهم تارة استسلم لإحساس وتارة أُكذب الآخر. لا يمكنني أن أنكر استسلامي لبعض الأفكار والأحاسيس التي أفحمتني في حالة حزن وخوف كبير حتى أصبحت أرى ما يحدث حولي كنهاية حتمية لكل من أحبهم و نهايتي معهم
بعد أن أعلنت استسلامي في بداية يومي، تذكرت كل مرة كُنت استسلم بها فيتدخل الله ويضع لمسته فيتحول هذا السواد إلي نور ينير طريقي حتى أصل إلي السعادة والرضا، فأنتهى حديثي مع نفسي بهذه الجملة سيحلها الله كما يفعل دائمًا، فإيماني وثقتي به كبيرة
بعد أن انتهى حديثي الأول، قمت بعمل روتيني الصباحي من غسل وجهي وأسناني والصلاة ومن ثم توجهت إلى المطبخ حتى أفطر ومع هذه الوجبة يبدأ العد لوجباتي التي تحولت بسبب الحجر إلى الضعف قريبا. قمت بعمل الشاي بلبن سندوتش الجبنة واتجهت إلى غرفة المعيشة حتى أشاهد التلفاز. فلا أحد حول العالم لا يتحدث عن الكورونا، فالمحطات العربية والإنجليزية والفرنسية لا تعرض أخبار سوي عن هذا الفيروس
أكملت فطوري وأنا أستمع إلي رؤية أحد الأطباء الذي يرى أن هذا الفيروس حتمَا سينهي العالم. بعد أن أنتهيت من فطوري راسلت أصدقائي حتي أطمئن أنهم بخير، كالعادة قمنا بالحديث عن نفس المواضيع ولكن بالنسبة إلي حتى إن كان الحديث مكرر فأنا لا أمل أبدَا منه
.سيبدأ الآن الجزء الأكثر جزء صعوبة باليوم.. وهو المذاكرة والدراسة عن البعد
هذا هو اليوم الأول في الاسبوع الثاني من الدراسة عن بعد. كان أول أسبوع في غاية الصعوبة بالنسبة إلي، فأصبح المجهود الذي أبذله أكثر، فمنذ أن استيقاظ حتى خلودي للنوم وأنا أحاول أن أقوم بواجباتي وأحضر المحاضرات واذاكر ولكن بهذا العبء الثقيل للدراسة لا أجد وقت كافي لإتمام كل شيء
حتى أنني ظللت أعمل بأيام الأجازة الثلاث ولكن الوقت ما زال لايكفي. لا يمكنني أن أتحمل هذا الضغط العصبي، فأنا هنا أجاهد نفسي بسبب هذا الوباء المنتشر وأحاول أن أكون إيجابية ولكن هذا الضغط الدراسي الكبير إن استمر هكذا سيحول حياتي إلي جحيم. بعد بضع دقائق قررت أن أهدأ من روعي وأبدأ بالدراسة وأحاول أن انتهي من بعض مهام اليوم
بعد بضعة ساعات حان وقت المكافأة لتشجيع نفسي على المذاكرة عادةً تكون هذه المكافأة ممثلة في كوب من القهوة وأحيانًأ الكيك فأنا أحب القهوة كثيرًا وبالفعل تنجح في أن تسعدني. ها أنا أشرب قهوتي ومعها بدأ حديثي الثاني مع نفسي اليوم، أفتقد أصدقائي كثيرَا.. أريد أن أراهم وأفتقد ذهابي إلي الجامعة وأفتقد نسمات الهواء التي تلامس خدي عندما أشرب قهوتي من ستاربكس
.دقائق من الحنين إلي الماضي، عادت إليّ السعادة عندما تذكرت أنني كُنت دائمًا أعرف قيمة هذه اللحظات البسيطة وأقدرها، كُنت دائمًا حريصة على أن أعيشها وأسعد بها لأتذكر
.وهنا انتهى حديثي الثاني لليوم مع إحساسي بالرضا والسعادة
.عُدت إلي مكتبي، أكملت دراستي لبضع ساعات أخرى حتى أصبحت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل لذلك قررت أنني سأذهب إلي سريري
وها هو حديثي الثالث والأخير لليوم، في سريري أحصي ما أنجزته من واجبات ومذاكرة لأجد أنني لم أنته من الكثير مما جعلني أشعر بالضغط الكبير وبدأت الغمامة السوداء تعود لأفكاري ولكن حاولت أن أجاهد نفسي وأذكرها بأن الله معي وسيحل كل شيء.
.ومن ثم أنهيت حديثي حتى أنام مكررة جملة أن الغد سيكون أفضل من اليوم. أما عن الفيروس فقررت ألا أفكر به الليلة على الأقل
(.ملحوظة: منعًأ للإحراج لم أقم بمشاركة عدد المرات التي أكلت بها بهذا اليوم)
تزاحم أفكار
ريم المغربي
صحفية في القافلة
.استيقظت مع صوت رنين المنبه الساعة ١٠ صباحًا، متأخرة ساعة عن الوقت الذي كنت أستيقظ به قبل أن تقتحم الكورونا حياتنا
.قررت أنني أريد خلق روتين مرن حتى لا أجن خلال تلك الفترة، وكان المنبه هو الشيء الثابت الوحيد الذي يمكنه ضبط وقتي
.بدأت يومي كما ابدأه عادةً، و قمت بتعقيم الحمام قبل وبعد استخدامه وفعلت نفس الشيء في المطبخ أثناء طهي الإفطار
“.Freud” فكرت فيما سوف أشاهده أثناء تناول الطعام، وقررت أنني سأشاهد
أثناء تحميل الحلقة، نظرت إلى طبق الفول الذي طهته وفكرت في كيفية طهي والدي له. تذكرت الشغف الذي كان يملؤه خلال طهيه وهو يضيف للفول الكثير من الخضروات -حتى تلك التي لا أحبها- لكنني كنت آكلها على أي حال لأن هو من قام بطهي الطعام
.ولكن للأسف، في الوقت الراهن كنت عالقة مع طبق الفول المعلب، فأنا الآن وحدي
.دخلت زميلتي الغرفة بعيون متعبة وتحدثنا قليلاً. بدأت في طهي طعامها وأدركت أنني قد شاهدت ثلاث حلقات دون أن الاحظ مرور الوقت وكنت بحاجة إلى الاستعداد لمحاضرتي
كان هدفي في بداية هذا الفصل الدراسي هو أن أشارك في المحاضرات بشكل فعال وبالفعل كنت أبلي حسنًا حتى بدأنا المحاضرات عن بعد.. ليس لدي سوى محاضرة واحدة مستمرة الآن ودافعي للتحدث تلاشى شيئًا فشيء. لذلك، فكرت في الكتابة
لطالما أردت نشر كتاب، وبمناسبة تلك الفترة التي نمر بها، قد أنجح في ذلك. ارتفعت مبيعات الكتب مؤخرًا، فالحقيقة أن الكثير لا يجد شيئًا أفضل من القراءة يفعله الآن. ندمت لعدم نشر كتابي الذي لم يكتمل في العام الماضي
.قررت معالجة مللي من خلال البدء في العمل على واجباتي الدراسية. ولكن قبل أن أبدأ أي شيء تلقيت مكالمة فيديو من والدي
.لم أكن أفتقد عائلتي كثيرًا البتة، ولكن عجزي عن العودة إليهم جعلني أعتز بكل مكالمة هاتفية وأقدر قيمتها
كان قلبي يرفرف عند سماع صوته وكان صوت ضحك أمي الموسيقي يرن في أذني. تجول والدي في المنزل أثناء التحدث معي وأعطي إخوتي بعض الوقت للتحدث معي. إذا أغلقت عيني، سأشعر أنني هناك معهم. أخبرتني أمي أن حظر التجوال في مدينة الرياض قد تم مده ويبدأ الآن الساعة ٣ عصرًا..هي قلقة عدم تمكنها من زيارتي أنا وأخي خلال أجازة الصيف
.في نهاية المطاف، كان علينا أن نفترق وننهي المحادثة، ولكن وعدني والدي بأن نتحدث مرة أخرى عن قريب
في المرة الثانية التي اتصل بها، كان في دوامه في المستشفى. كان يرتدي الزي الطبي وكان يخبرني باستمرار عن عدم لمس وجهي عندما يرى يدي على الشاشة. سألته عن الأحوال في المستشفى طمأنني بأنه يتخذ كافة الاحتياطات. ولكنه لا يزال يتخذ بعض الاحتياطات
.بعد التحدث لفترة، انهينا المكالمة لأن عليه العودة إلى العمل. أخبرته كم اشتقت له وأخبرني كم يتمنى لو كان معي أنا وأخي
.أتساءل أين سأذهب أنا وأخي إذا لم تنقضي أحداث الكورونا بعد انتهاء هذا الفصل الدراسي.. فعلينا في النهاية أن نخرج من سكن الجامعة الطلابي
بعد أن نحزم أغراضنا، أين سنذهب؟
كيف سأعود إلى عائلتي؟
أين سنقيم؟
كيف سيذهب أخي الأصغر الذي تخرج للتو من المدرسة إلى الجامعة هنا؟
.كنت بحاجة إلى استراحة من كل هذا. فكرت في صبغ أو قص شعري. انا بحاجة الى التغيير. لكنني عالقة بالنظر إلى نفس الجدران الأربعة طوال الوقت. فالأمل يتضاءل شيئًا فشيء
محاولة الاعتياد على روتين جديد
إيمان عبد السلام
مديرة العمليات في كلية الشؤون الدولية والسياسات العامة
…بدأ اليوم الأول من الأسبوع الثاني من العمل والدراسة بالمنزل
أنا أم لطفلتين في الصفي الأول والرابع الإبتدائي، نقضي يومنا بين الواجبات الدراسية التي لا تنتهي، واجتماعات العمل على الأنترنت، والرد على الإيميلات، وبعض مهام المنزل من تحضير وجبات وسناكس، لتنظيف الغرف، وتوضيب اللعب،… إلخ إلخ بعد أن قررنا الحد من طلب الوجبات من الخارج عن طريق الديليفري، أصبحت قرارات واختيارات الأكل أكثر صعوبة
.يصبح مشواري للسوبرماركت، وهو مخرجي وملاذي الوحيد بل من أكثر المشاوير ترفيهاً لي
فانتظر بفارغ الصبر أن نفرغ من مكون أو طلب معين حتى أهرول للتبرع بالنزول للسوبرماركت لتلبية احتياجات المنزل كأي أم وربة منزل مجتهدة، ولكن في قرارة نفسي يكون لي نوايا خفية للهروب والاختلاء بنفسي لهذه الفترة القصيرة والتي يترتب عليها تعريض نفسي لمخاطر السوبرماركت من مخالطة غرباء وملامسة أشياء وغيرها من أهوال هذه الرحلة. قررنا من يومين، ولكي نكسر ملل اليوم الطويل، أن نتريض سويًا كعائلة في الحديقة المقابلة للمنزل، كما بدأنا نتمرن على ركوب العجل و ودربت صغاري على الاستغناء عن السندات و الحمد الله نجحنا بعد محولات دامت سنتين
نقابل جيراننا في الشارع ونتبادل نظرات تنم عن تفهم ومشاركة لم نعتادها من قبل، وينتهي لقاءنا القصير والذي يمثل به كل مبادئ التباعد الاجتماعي بابتسامة أمل لغدٍ أكثر إشراقًا وأقل مللًا
ولكن لا أخفيكم سرًا، لاحظت تغيير جذري في بناتي اللاتي أصبحن أكثر هدوءًا وتركيزًا عن حياة ما قبل الحجر، والتي اتسمت بالهرولة نزولاً وطلوعًا للحاق بالتمارين ومواعيد الأطباء وغيرها من الالتزامات
.أدعو الله أن يفك كربتنا ويعيدنا للروتين الذي كنا قد مللنا منه وتعودنا انتقاده
Day Two: Of Loneliness and Silent Prayers
Day One: Documenting AUC Life Under Confinement