معرض القاهرة الدولي للكتاب: هل الكتابة للجميع؟
كتبت: إيمان خروشة
مديرة تحرير قسم اللغة العربية
تعودت منذ السادسة عشر عامًا ترقب موعد معرض القاهرة الدولي للكتاب، وكَبِرَ حبي للقراءة بدايةً من أول رواية اقتنيتها من المعرض، فارتبط المعرض لديّ بمشاعر جميلة ومعانٍ ثمينة، وسعادتي أثناء عودتي للمنزل مُحمّلة بالكتب والروايات لم ولن تُقدَر بثمن.
بل وسعادتي وفخري بجودة المعرض ازدادات عامًا فعام، حتى بدأ رواد السوشيال ميديا باقتحام المعرض –مستخدمين أسلوب كتابتهم ل“بوستات” الفيسبوك في كتابة الدواوين والروايات– في آنٍ واحد وأصبح لديهم العديد من المعجبين والمعجبات والقُراء.
لا أستطيع أن أجزم بجودة المعرض ككل، فبالطبع الفعاليات والندوات التي عُقِدَت هي فخر وإنجاز مُشرِف، ولكن على صعيد آخر، ما لاحظته هو تغيُر مفهوم الكتابة والأدب لدى الشباب.. الذي أثر تأثيرًا سلبيًا على النوع الذي يفضل قراءته كل شخص.
وأخص بالذكر الشباب الذي يتأثر بشكل كبير بالسوشيال ميديا، ومَن يُطلَق عليهم “مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي” سواء على الفيسبوك أو الإنستجرام وما إلى ذلك.
أعتقد أن في بداية ظهور “مؤثري السوشيال ميديا” لم يكن لهم شعبية كبيرة لأن المصطلح نفسه لم يكن متعارف عليه آنذاك، ولكن بعد فترة لا بأس بها أصبح لديهم شعبية كبيرة جدًا، بغض النظر عن المحتوى الذي يُقدم.. حتى أصبحت مهنة للكثير، ولم يصبح المتلقين سوى وسيلة سهلة لغرض أكبر.
ثم كان هناك من يكتب الشعر المُبتذل، وكون الشعر مبتذل لا يعني أنه كُتِبَ باللغة العامية، فمثلًا صلاح جاهين –رحمه الله– قدم أشعار ثمينة وقيّمة كُتِبَت باللغة العامية، فتأثير اللغة –إن كان استخدامها سليمًا– لا يقل أو يزيد أهمية عن تأثير المحتوى.
وفي دورة معرض القاهرة الدولي للكتاب الواحد والخمسين، انتشرت بضعة دواوين وكتب تحفيزية لأناس غير مؤهلين لتقديم ذلك المحتوى.. والحق كل الحق.. لا أعلم إن كان المسؤول عن ذلك هو دار نشر معين يقبل بأي شيء، أم الكتاب أنفسهم، أم الجمهور الذي يشهر من لا قيمة له.
وبالطبع ارتفعت مبيعات تلك الكتب بسبب الشباب الذي يقتنيها حبًا وتبجيلًا لكاتبها..حتى ظهر على السوشيال ميديا فئة معارضة تتعجب من ما يفضله جيل ٢٠٢٠
وحتى لا يسيء فهمي البعض، لن أعمم وأقول أن كل محتوى “مؤثري السوشيال ميديا” محتوى سلبي غير هادف، فأنا شخصيًا أتابع البعض منهم، وصُدِرَ لهم روايات جديرة بالقراءة، وأفتخر بإنتاجهم و صناعتهم التي تعزز من تقدم مصر الثقافي والتعليمي.
فطالما تعودت على قراءة الروايات والدواوين منذ الصغر، وما تعلمته هو أن القراءة للجميع.. أي شخص أيًا كانت ثقافته، بإمكانه شراء كتاب، أي شخص يريد أن يقرأ رواية ويتمعن بها ويفهم محتواها، سيفعل ذلك.. وما تعلمته أيضًا هو أن القارئ الجيد قد تنمو لديه موهبة الكتابة شيئًا فشيء.
وسؤالي هُنا، هو سؤال أطرحه على نفسي قبل أن أطرحه عليكم، بما أن القراءة للجميع، فهل الكتابة أيضًا للجميع؟