ذكرى سعيدة أم ذكرى السعادة؟
تقرير: لبنى ضياء
ربما تحمل صورة، أو صوت، أو رائحة، ذكرى كفيلة بأن تأخذ الإنسان في رحلة إلى الماضي، وتعود هذه الذكرى مصاحبة لمشاعر مختلفة ومختلطة.
قالت تقى الخضراوي، ٢١ سنة، طالبة بكلية إدارة الأعمال: «أكتر حاجة بفتكرها وبتخليني مبسوطة هي أيام بيتنا القديم ولمتنا لما كنت مع ماما وبابا، وإخواتي كلهم كانوا في بيت واحد. دايمًا لما بسمع تترات المسلسلات إللي كنت بتفرج عليها وأنا صغيرة أو كانوا يتعرضوا عامةً في الفترة دي برجع للزمن ده عشان كده بحب أتفرج عليهم دايمًا.»
عرّف صلاح قطب، استشاري نفسي بمستشفي الحسين، النوستالچيا بأنها مصطلح يستخدم لوصف الحنين إلى الماضي. يرجع أصل الكلمة إلى اللغة اليونانية ويُشير إلى الألم الذي يعانيه المريض عندما يشعر بالحنين للعودة إلى بيته وخوفه من عدم تمكنه من ذلك للأبد.
باختصار، النوستالچيا هي حب ما مضى بشخصياته وأحداثه.
وفقًا لصحيفة نيو يورك تايمز ظهر مصطلح النوستالچيا في الأصل على أنه «مرض عصبي له سبب شيطاني أساسي» وصاغ المصطلح يوهانس هوفر، الطبيب السويسري عام 1688م.
قالت فرح البحيري، ٢١ سنة، طالبة بكلية إدارة الأعمال: «بالنسبة لي، أشعر بالحنين طوال الوقت تقريبًا، يحدث هذا دائمًا عندما أرى أصدقاء الطفولة، ولذلك أبدأ بالاتصال بكل الذكريات التي [جمعتنا].»
وأضافت أنه في بعض الأحيان تجعلها النوستالجيا تشعر بالحزن أو بالضيق، إذا تذكرت، على سبيل المثال، عادة معينة اعتادت على فعلها مع شخص ما يعد موجودًا، أو عندما تتذكر الذكريات السيئة التي واجهتها.. لكن بخلاف ذلك، عادةً ما تشعرها النوستالجيا بالحيوية والسعادة.
وتعليقًا على ارتباط السعادة بالنوستالجيا، فقال كريم ممدوح، ، طالب بكلية صيدلة بجامعة مصر الدولية: «هي سعادة من نوع مختلف أوي، لإنها بتحسسك بالنعمة.. يعني بتحسسك بأيام ما كنت فى قمة سعادتك بس مكنتش راضى وإن حالك دلوقتي أصعب بمراحل.»
وأضاف أن السعادة بالنسبة له تنتج عن أبسط الأفعال والذكريات التي تجمعه بمن يحب.
تعتمد المشاعر المرتبطة بالنوستالچيا على حالة الشخص، بعض مِمَن هم في حالة ذهنية جيدة عندما يشعرون بالنوستالجيا ينظرون إلى الماضي ولا يقارنونه بالحاضر بطريقة منحازة.
ولكن إذا كان الشخص مصابًا بالاكتئاب أو القلق في ذلك الوقت، فبإمكانه النظر إلى الماضي باعتباره الوقت الذي كانت فيه الأمور سهلة على عكس الحاضر، فيزداد اكتئابه.
قالت البحيري: «اعتبر النوستالجيا هي السعادة، لأن أجمل شيء هو أن أجلس مع أصدقائي وأبدأ بالقول «هل تذكر عندما اعتدنا أن ..» كل الذكريات التي تأتي بعد ذلك هي أفضل الذكريات التي عشتها ومليئة بالسعادة.»
وفقًا لموقع سايكولوجي توداي، اكتشف باحثو جامعة لويولا بشيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية، أن التفكير في الذكريات الجيدة لمدة ٢٠ دقيقة فقط في اليوم يمكن أن يجعل الفرد أكثر تفاؤلًا مما شعر به في الأسبوع السابق.
قالت الخضراوي: «في دكتور بالجامعة قالنا قبل كده إن الماضي دايمًا أحلى في عنينا، مش عشان هو كان أحسن فعلًا، بس عشان إحنا لما بنفتكر الحاجة اللي عدت بنبقى عِشنا مشاكلها إللي اتحلت وخلصت فا بنفتكر الحلو بس وبتبقى بالنسبة لنا أحسن أيام.»وأضافت أنها تُقدر الماضي أكثرمنِ الحاضر لأنه لم يُعد بوسعها تغييره، أما عن الحاضرفهي تعيشه وتستمتع به وتحبه ولكنها تعتقد أنه حين يمر ويصبح ماضيًا ستتعلق به أكثر.
قال قطب إن الوحدة تجعل الإنسان يشعر بالحنين إلى الماضي حينما كان مع أحبائه بسبب كون الواقع مؤلمًا، مما يجعل الماضي أكثر سعادة لهم.
وأضاف: «النوستالچيا غالبًا تكون آلية دفاع يستخدمها العقل لتحسين مزاجنا و للانفصال عن واقعنا المزعج .الحنين إلى زمن فيه حياة راقية وأخلاق عالية وذوق رفيع، يدل على افتقارنا لذلك الآن. نحن نشعر بالحنين إلى ما نحبه ونفتقده.»
قالت الخضراوي: «أكتر وقت بفتكر فيه الماضي هو لما ببقى بعدي بفتره صعبة فا ساعات بيبقى وسيلة إني أهرب من الواقع وساعات بيبقى حنين واشتياق لأيام ما كانت الدنيا كويسة ومكنش في مشاكل.»
شرحت أنه عندما يعيش الإنسان في الماضي كثيرًا قد يولد ذلك حالة من الغضب والتذمر من الحاضر، حيث يفكر الفرد مليًّا في ما مضى وذلك يجعله غير قادر على العيش بسلام.
وفقًا لموقع هيلث، يختبر ٦٩٪ من الأشخاص النوستالچيا بشكل طبيعي على الأقل مرة واحدة في الأسبوع.
قال ممدوح: «النوستالجيا سلاح ذو حدين، لأنه على حسب أنت افتكرت إيه، عشان الإنسان برضه إحساسه بالندم بيخليه يفتكر مواقف اتصرف فيها غلط وخسر ناس بسبب تصرفاته، الذكريات تقدر تهون كتير خصوصًا لو الشخص أو المكان اللي يسبب الذكرى أنت بتتردد عليه كتير.»
وأضاف أن لدى النوستالجيا المفرطة خطرًا وتأثيرًا سلبيًا على حياة الفرد. حيث إنها قد تنسيه واجباته الحالية وتحصره فى إنجازاته القديمة و قد يمنع ذلك تقدمه.