الكتابة: القدرة على الخيال والابتكار
تقرير : آية أبو شادي
الكتابة هي عالم بديل نخلقه لأنفسنا، ندع فيه مشاعرنا أو حتى نخلق حقائق مختلفة للهروب من العالم الذي نعيش فيه، في بعض الأوقات. أصبحت الكتابة سلاحًا في يد كل الشباب تقريبًا، والبعض فقط الذي يعرف كيفية استخدام هذا السلاح وتغيير العالم.
يعد عدد القراء الشباب الذين يزورون معرض القاهرة الدولي للكتاب في مصر كل عام، ضخم جدًّا حتى أنه وصل يوم افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب الموافق ٢٣ يناير، ٢٠١٩ إلى ما يقرب من نصف مليون زائر.وقُدِّر الإجمالي بنحو ٢.٥ مليون في الأيام الأخيرة للمعرض.
بالإضافة إلى ذلك، تمتلئ جميع منصات وسائل التواصل الاجتماعي دائمًا بنشر الشباب صورًا للكتب التي ابتاعوها من المعرض على وجه التحديد في ذلك الوقت.
إن السبب وراء هذا ليس فقط كون هذا الجيل يقرأ أكثر أو أنه أكثر نشاطًا ثقافيًّا؛ ولكنه يعود أيضًا إلى حرص العديد من الكتاب المصريين الشباب على الوجود في الصورة.
تعد ساندرا سراج، طالبة علم النفس، جامعة الإسكندرية، واحدة من الكتاب الشباب. كتابها الأخير «إلى ما لا نهاية» واحد من أكثر الكتب مبيعًا في معرض القاهرة الدولي للكتاب، ٢٠١٩ وما زال الكتاب الأكثر مبيعًا في دار نشر دون.
إلى ما لا نهاية هي رواية أسطورية عن قصة حب ملحمية، يختلط فيها الواقع بالخيال وبها بعض عوامل التاريخ والأساطير.
قالت سراج للقافلة إنها وجدت نفسها في ذلك الوقت لا تفعل شيئًا سوى قراءة الكتب وإخراج مشاعرها في كتاباتها الخاصة.
أضافت، «كنت واحدة من هؤلاء الفتيات اللاتي يكتبن «بوستس» تحظى بإعجاب الكثير من الناس عبر الإنترنت. وظننت أنه أمر طبيعي حتى راقت كتاباتي للعديد،عندما اكتشفت أن كتاباتي بالفعل تؤثر على بعض الناس وتجعلهم يشعرون أنهم ليسوا وحدهم، منحني ذلك الثقة في الكتابة أكثر ليس فقط لأنني أريد ذلك، ولكن لمساعدة الناس أيضًا».
في البداية، لم تكن الكاتبة الشابة تفكر في نشر الروايات على الإطلاق. ومع ذلك، تدخل القدر عندما قامت إحدى دور النشر بالاتصال بها في عام ٢٠١٥ من أجل عقد صفقة معها لنشر كتاب في معرض القاهرة الدولي عام ٢٠١٧.
أكدت، «شعرت أن هذه خطوة كبيرة بالنسبة لي وأنني لن أتمكن من القيام بها لكن آمن من حولي بي فقطعت وعدًا بأن أحاول. وبعد ثلاثة أشهر من المحاولة ، كنت لا أزال أشعر أنه من المستحيل القيام بذلك الشيء واتصلت بالدار مرة أخرى لإبلاغهم بأنني لن أستطيع».
فشلت جهود سراج للتراجع عن كتابة روايتها الأولى بعد أن واصلت المحاولة، خاصة بدعم والدتها وتمكنت من نشر رواية بعنوان «سأرحل»، في فبراير ٢٠١٧.
«سأرحل» هي قصة حب أخرى عن علاقة سامة و مؤلمة للغاية تحاول فتاة شابة بذل قصارى جهدها للفرار منها، لكن الأمر ينتهي بها عالقة أكثر في كل مرة تحاول الرحيل.
ومع ذلك، ترى سراج أن حياتها المهنية كروائية بدأت فعلًا بإصدار روايتها الرسمية الثانية «ما لا نبوح به» في عام ٢٠١٨.
يدور «ما لا نبوح به» حول امرأة شابة تذهب في رحلة للعثور على نفسها بعد الهروب من علاقة سامة وتدرك أنها بحاجة إلى حب نفسها أولاً قبل أي شيء أو شخص آخر.
تجد الروائية الشابة الإلهام في كل شيء وكل شخص تقابله، وكذلك المواقف التي تواجهها بشكل يومي. والأهم من ذلك أنها تعتقد أن جزءًا منها موجود في كل شخص من الشخصيات الرئيسية في روايتها.
يعد الشاب محمود الحكيم أيضًا كاتبًا ناجحًا، يبلغ من العمر ٢٠ عامًا، ويدرس الأدب الإنجليزي والاقتصاد في الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
قال الحكيم: «إنني شغوف بالكتابة منذ فترة طويلة، أتذكر كتابة قصتي القصيرة الأولى في الصف الثالث الابتدائي، وبدأت كتاباتي تأخذ منعطفًا واقعيًّا أكثر في الصف الثامن. قرأت الكثير من الروايات في ذلك الوقت وألهمت حقًّا، فشعرت أنه لن يضر بمحاولة كتابة ونشر شيء مشابه لما أقرأ».
يرى الحكيم نفسه كاتب خيال في المقام الأول؛ حيث قدم قصة قصيرة كتبها في الصف الثامن إلى مجلة Teen Stuff المصرية ولم يمض وقت طويل حتى تم تعيينه في فريق المجلة الإبداعي ككاتب. دفعته هذه الخطوة للبدء في وضع خطط لحياته المهنية ككاتب أو مؤلف.
تأسست Teen Stuff في عام ١٩٩٦، وكانت مجلة إنجليزية شهيرة جدًّا في مصر تحمل شعار «من المراهقين إلى المراهقين»، وقد كتب الحكيم مقالات فكرية لمدة ثلاث سنوات، حتى توقفت عن النشر في عام ٢٠١٥.
أضاف الحكيم، «شعرت بأنني أتقدم لذلك أمضيت ثلاثة سنوات في Teen Stuff، من عام ٢٠١٢ حتى عام ٢٠١٥. كنت محاطًا بالفريق الإبداعي والأشخاص الذين يتمتعون بعقول واهتمامات متشابهة.والأهم من ذلك أن قبولي في تلك البيئة ألهمني كثيرًا.
كانت مجلة المراهقين تجربة لا تُنسى ومعلمًا مهمًّا لحياة الكاتب الشاب المهنية، وشباب آخرين.
تابع الحكيم واستمر في الكتابة بشكل فردي بعد ذلك. فكتب قصة قصيرة تحت عنوان “المعركة الأخيرة»، فازت بالمركز الثاني في مسابقة مكتبة ديوان وكان ذلك معلم آخر بالنسبة له.
بالإضافة إلى ذلك، شغل الحكيم أيضًا منصب رئيس تحرير مجلة AUC Times في خريف عام ٢٠١٨ وكان حريصًا على إرضاء شغفه بالكتابة وفي الوقت نفسه، عمل بجد لإلهام الناس والطلاب في الجامعة.
أضاف، «ساعدني وجودي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة كثيرًا. كانت تجربة إدارة مجلة و كوني رئيس تحرير ومساعدة الأشخاص والتحرير مهمة بالنسبة لي، أنا فخور بما نشرناه».
على الرغم من أن الحكيم لديه مخاوف من نشر رواية حقيقية، إلا أنه ما زال يريد فعل ذلك. لقد كان شيئًا طالما حلم به منذ أن طور شغف الكتابة. إنه يتطلع أيضًا إلى معرفة كيفية الحفاظ على قصة طويلة والحصول على النتيجة النهائية التي يفخر بها.
قال وليام تروب، مؤلف وأستاذ في قسم البلاغة والتأليف في الجامعة الأمريكية في القاهرة: «كونك كاتباً شابًا هنا في مصر، خاصة إذا كنت تكتب باللغة الإنجليزية، قد يكون أمرًا صعبًا. لكن النشر أصبح شيئًا عالميًا واذا لم يكن شائعًا هنا، فهذا يشير إلى وجود فجوة في سوق الكتب، وهذه الفجوة يجب أن تراها كفرصة للملء».
أضاف تروب أن الإنترنت سهل على الكاتبين الشباب إنشاء منصة حيث ينشرون كتاباتهم ويحصلون على التقدير العالمي. على عكس السنوات القديمة، عندما كانت الطباعة أكثر إقليمية وتعتمد على المنطقة واللغة بالتحديد.
وأضاف: «أعتقد حقًا أن الكتاب الطموحين لا ينبغي أن يفكروا في أنفسهم ككتاب صغار. يجب أن ينظروا إلى أنفسهم ككتاب فحسب. على سبيل المثال، قد يكون للكاتب الذي يبلغ من العمر ٢١ عامًا خبرة أكثر من شخص ما في الأربعينيات من عمره؛ على الأقل فيما يتعلق بالسعي الجاد للكتابة والالتزام بأصواتهم «.
وقالت سراج: «الكتابة هي شغف كبير لي، ومن المستحيل أن أتوقف عن ممارستها حتى لو حاولت. ولجميع الكتاب الطموحين، كل ما يمكنني قوله لهم هو أن يكونوا أنفسهم فحسب، وعلى طبيعتهم. الكتابة جزء لا يتجزأ من العفوية والبساطة وعدم الاصطناع، لا يتعين عليك أن تتظاهر بأنك أي شخص آخر لكي تشعر بأنك مؤهل بما فيه الكفاية».