الإصلاح التعليمي… التحدي التكنولوجي…فرص الأجيال القادمة
تقرير: مونيكا نجيب
رغم التغيرات الجذرية التي تطبقها وزارة التربية والتعليم للنهوض بالتعليم في مصر، يواجه الكثير من الطلاب العديد من التحديات حتى يستطيعوا التأقلم بعد سنوات من طرق التعليم التقليدية.
كشف تقرير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عام 3102 أن طالبًا واحدًا من بين كل خمسة طلاب في مصر في الصف الثالث الابتدائي لا يتمكن من قراءة كلمة واحدة، وأن 05% من الطلاب حتى الصف الخامس الابتدائي، يعدون أُميين.
وفقًا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي عام 9102، احتلت مصر المرتبة 921 من أصل 031 دولة في جودة التعليم.
لذلك، قام الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم الفني بإعادة هيكلة نظا التعليم من خلال تطبيق نظام جديد يهدف إلى استبدال طريقة الحفظ بالتفكير الإبداعي النقدي ومهارات حل المشكلات، بداية من السنة الدراسية الحالية 8102-9102
تم تطبيق النظام الجديد “التعليم 2.0” ليشمل مرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي والنظام الثانوي التراكمي “التعليم 1.1” على الصف الأول الثانوي ونظام التعليم الفني “التكنولوجيا التطبيقية”. تطبيق الأنظمة الجديدة في التعليم يشمل طلاب المدارس الحكومية والخاصة والتجريبى والقوميات باللغات، ولن يطبق على المدارس الدولية.
في النظام التعليمي “2.0” يدرس الطالب باقة المناهج أو ما يسمى بالكتاب المحوري والذي يضم مواد العلوم والرياضيات والدراسات وأنشطة مختلفة في كتاب واحد، في إطار يؤكد وصول الطالب لمخرجات التعلم للمواد المختلفة. يحرص الكتاب المحوري “إكتشف” على بناء الشخصية المصرية. هناك أيضًا دليل المعلم والذي يوفر إرشادات مفصلة للمعلم عن كيفية إدارة الفصل والتدريس بالطريقة التي تتلائم مع المنهجية الجديدة.
قالت مها بالي، أستاذة مساعدة وممارسة في مركز التعليم والتدريس بالجامعة الأمريكية: «إن الخطة الجديدة تهدف للسماح للطالب بالتفكير الإبداعي والنقدي، وهو أمر يتطلب تغييرًا في طرق التقييم وأيضًا طرق التدريس في الصف الدراسي».
قالت آمال جيد، أمينة مكتبة بمدرسة الصليح حمد الابتدائية: «يتخلص هذا النظام من الدروس الخصوصية بشكل نهائي، إنها المرة الأولى التي أرى فيها طلاب الصف الأول الابتدائي يستمتعون بفصولهم ويحرصون على عدم تفويت أي منها».
أما بالنسبة لطلاب المدارس الثانوية علي التحديد، فسوف يمرون بأربع مجموعات من الامتحانات كل عام على مدار ثلاث سنوات و يجب علي الطالب أن يجتاز ست مجموعات فقط منها.
قال أحمد حشيش، طالب في المرحلة الثانوية: «إن نظام الامتحانات الجديد أفضل بكثير لأنه يعتمد أكثر على الفهم بدلًا من الحفظ».
رغم هذه التعديلات الفعالة، يواجه الطلاب الكثير من الصعوبات. رغم أن نظام الامتحانات الجديد يساعد على تقليل القلق لدى الطلاب والقضاء على ظاهرة الغش لأن الامتحانات ستكون إلكترونية، ولكن للتكنولوجيا نقاط سلبية.
يعتمد النظام الجديد اعتمادًا كبيرًا على استخدام الأجهزة اللوحية، و ستكون الاختبارات والكتب المدرسية في نسخة إلكترونية.
قالت الأستاذة آن دورا، أمينة مكتبة ومدرسة منهجية البحث في مدرسة الواحة الدولية، «يمكن أن تكون الألواح الألكترونية كارثة، حيث ثبت علميًّا أنه عندما تقوم بكتابة شيء باستخدام قلم وورقة، يمكنك تذكر المعلومات بشكل أفضل. فمن الأفضل الحصول على مزيج من الألواح الإلكترونية والكتب».
يمكن أن تكون القراءة على الأجهزة اللوحية مفيدة، لكن الكتابة عليها غير عملي بالمرة، خاصةً بالنسبة لمادة الرياضيات.
فمثلًا تقوم بعض المدارس التي تتبع النظام الأمريكي باستخدام الأجهزة اللوحية لأغراض معينة.
قال الأستاذ مصطفى ممدوح، مدرس رياضيات بإحدى المدارس التي تتبع النظام الأمريكي: «الأجهزة اللوحية للقراءة واللعب فقط لذلك يجب أن تتم الكتابة يدويًّا حيث إنه من الصعب كتابة الحروف أو الأرقام بخاصية اللمس».
منذ عدة أسابيع، حدث عطل في الموقع الإلكتروني أثناء الامتحان مما أدى إلى إلغائه لمدة يومين حتى بدأ الطلاب في تسجيل الدخول على منصة الامتحان وتأدية الامتحان التدريبي.
الجدير بالذكر أن العام الدراسي الحالي للصف الأول الثانوي وكل الأعوام التالية هم سنين تدريبية للطلاب حتى ينتقلوا من ثقافة الحفظ إلى ثقافة الفهم.
من المفترض أن تكون التكنولوجيا إحدى عوامل نجاح هذا النظام، ولكنها أصبحت من التحديات الكبيرة له حيث يفتقر العديد من طلاب المدارس الحكومية إلى المهارات الأساسية لاستخدام التكنولوجيا.
قال أحمد حسين، طالب في المرحلة الثانوية في إحدى المدارس الحكومية: «بالنسبة إليّ، فإن النظام الجديد هو كارثة، لأننا كطلاب حكوميين لا نأخذ دروس «الكمبيوتر» على محمل الجد وأيضًا ليس لدى الكثير من الطلاب اتصال دائم بالإنترنت، فسيكون من الصعب علينا أن نتكيف مع فكرة الكمبيوتر اللوحي».
أوضحت مورين إيهاب، طالبة في المرحلة الثانوية في إحدى المدارس الخاصة، أن خدمة الواي فاي في المدرسة عادةً ما تكون بطيئة خاصة أثناء الامتحانات، فيلجأ الطلاب إلى استخدام اتصال ال «4G» وهذا يضيف نفقات إضافية على الطلاب وخاصة طلاب المدارس الحكومية.
يعد تكيُّف الطلاب الأكبر سنًّا على النظام الجديد أمرًا صعبًا لأنهم لم يعهدوا تلك الطريقة التعليمية من قبل، ولكن الطلاب الأصغر سنًا سوف يتكيفون بشكل أسرع نسبيًّا بسبب إتاحة الفرصة والسنوات لهم.
قالت جوستينا جورج، طالبة في المرحلة الثانوية بإحدى المدارس الحكومية، «لقد أمضينا ١٥عامًا من حياتنا في التعلم بطريقة مختلفة تمامًا، مما يجعل من الصعب علينا أن نتكيف مع النظام الجديد، رغم كونه جيدًّا جدًّا ومحفزًا».
قالت سعاد نصر، والدة طالبة عمرها ست سنوات، «هذا النظام يعد قفزة إلى الأمام لنظامنا التعليمي لأنه» يشجع الإبداع والتفكير النقدي».
وبذلك يحتاج المعلمون أن يكونوا مؤهلين ومدربين تدريبًا جيدًا لكي يتعاملوا مع الأجيال الأكبر سنًّا لتأثرهم بطرق التعليم التقليدية.
قالت بالي: «من السهل تطبيق النظام التعليمي الجديد في السنوات الأولى لأن المعلمين مدربون لذلك. ولكن مع تقدم الأطفال في السن ومع كون المحتوى أكثر تعقيدًا، فإنه يحتاج إلى مزيد من الجهد، هذا تحول ثقافي سيستغرق بعض الوقت بالنسبة للآباء والمعلمين».
فإن متابعة النظام وتحديثه باستمرار وفقًا إلى شكاوى واقتراحات الطلاب، هو المفتاح لتحسين التعليم في مصر.
قال دانييل بوكولو، طالب ماجستير في الاقتصاد في برنامج التنمية الدولية: «لا أعرف ما إذا كانت كل الإصلاحات الضخمة التي يقومون بها الآن ستنجح أم لا، لكنها تعمل على إعادة صياغة النظام بأكمله باستخدام استراتيجيات ومناهج اختبار جديدة بالشراكة مع الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي و الكثير من المنظمات الأخرى».