الخيانة في إطار كوميدي
تقرير: إيمان خروشة
نائبة مديرة التحرير قسم اللغة العربية
في إطار اجتماعي كوميدي، يُقدم فيلم «نادي الرجال السري» فكرة عن عالمٍ خاصٍ بالرجال الذين يلجأون إليه حينما يشعرون بالملل تجاه زوجاتهم، فيجتمعون معًا في نادي سري أطلقوا عليه «نادي الرجال السري» و يرأسه الفنان بيومي فؤاد في دور «حيضر».
يناقش الفيلم قضايا اجتماعية مهمة في إطار خفيف الظل، ولكن ينجم عنه تساؤلات كثيرة وفي غاية الأهمية.
يتمحور الفيلم حول حياة «أدهم»، طبيب الأسنان، الذي يقوم بدوره الفنان كريم عبد العزيز، وزوجته «هاجر» التي تقوم بدورها الفنانة غادة عادل. مرّ على زواج الثنائي ما يقرب العشر أعوام ولديهما طفلان.
تقوم «هاجر» بدور الزوجة التي لا تثق في زوجها وتراقبه طوال الوقت.. تراقب الأماكن التي يخرج بها وتراقبه أثناء عمله وما إلى ذلك.. ولكن على الجانب الآخر، لَم يكن «أدهم» متضررًا على الإطلاق ولم يظهر لها أيًّا مِن علامات الضجر.
لكنه كان يُنفِّس عن ذلك مِن خلال نادي الرجال السري، وهو مكان على شكل صالون للرجال ولكن داخله مخبأ سريّ يقود إلى مقر النادي الأساسي.
يضم هذا المكان حيضر الذي يتحكم في كل ما يخص أعضاء النادي داخل النادي وخارجه، هذا النادي هو بمثابة يد عونٍ للرجال حتى يستطيعوا خيانة زوجاتهم في سرية تامة ويوفر لهم كافة السُبُل، حتى وإن كانت زوجاتهم تراقبهم على مدار اليوم.
قد يختلف البعض حول مسمى «خيانة»، مما أشار إليه «أدهم» عندما قال له «فؤاد» الذي يقوم بدوره الفنان ماجد الكدواني إنهم يخونون زوجاتهم.
المثير للانتباه هنا أن جميع أعضاء النادي المتواجدون آنذاك شعروا بالضيق مِن هذه الكلمة ونفروا منها، مُبررين أنهم لا يخونون زوجاتهم، بل بالعكس، إنهم يحبونهنّ.. ولكنهم فقط يحاولون إسعاد أنفسهم مِن خلال التعرف على نساء أخريات وما إلى ذلك.
يلقي هذا الجزء مِن الفيلم ضوءًا على مفهوم الخيانة بشكل عام، سواء خيانة الرجل أو المرأة، فنجد أن الطرف الذي يمارس الخيانة قد لا يشعر بالذنب تجاه الطرف الآخر، ولا يرى نفسه على ضلالٍ مِن الأساس.. لأنه ببساطة «يسعد نفسه».
مما أثار دهشتي أيضًا، هو ضحك المشاهدين أثناء هذا المشهد وبعض المشاهد المشابهة، أعلم أن ذلك بالطبع يرجع إلى خفة ظل طاقم العمل، ولكنني توقعت رد فعل آخر نظرًا لتشابه وجهة النظر تلك مع وجهات نظر رجال ونساء كثيرة الآن .
بالإضافة إلى ذلك، أشار الفيلم إلى إلقاء اللوم الدائم على المرأة، وخلق مبررات لخيانة الرجل بأن السبب دائمًا يقبع وراء إهمال المرأة زوجها ونفسها ومظهرها، حتى وإن كان هذا الإهمال هدفه تربية الأبناء والاهتمام بهم في حين إهمال الزوج لهم.
ولكن على صعيدٍ آخر، عندما يرى المشاهدون زوجة «فؤاد»، يتضح لهم أنها في غاية الأناقة والجمال وتعتني بمظهرها عناية فائقة ولكن بالرغم مِن ذلك، أراد فؤاد التخلص منها والتعرف على امرأة أخرى.
يتضح هذا بشدة أيضًا عندما يقوم «أدهم» بالشكوى مِن «هاجر» بسبب تغيرها بعد الزواج وانطفائها وغياب حيويتها وحبها للحياة.. ولكنه على سبيل المثال لم يلقِ اللوم على نفسه في أمرٍ ولم يحمل نفسه أية أخطاء.
أشار الفيلم أيضًا إلى قضية مجتمعية مهمة، وهي تقبُّل المجتمع المصري لخيانة الرجل مُطلِقًا أعذارًا شتى ومبررات لا تعني شيئًا، ولكنها تزيل أي عبء عن على الرجل، لتجبر المرأة على تقبل الخيانة مِن أجل الأبناء وما إلى ذلك.
ولكن بالنسبة لخيانة المرأة لزوجها، فلا يقبلها المجتمع ولا العُرف.. وكان ذلك واضحًا في الفيلم حينما قالت «هاجر» لزوجها أن يضع نفسه مكانها ويرى إن كان سيقبل بخيانتها أم لا.. وبالفعل، انفعل جدًّا ورمقها بدهشة عند قولها ذلك.
لن أُبرر خيانة الرجل أو خيانة المرأة، ولن أقول أيهما أهون مِن الآخر.. ولكنني، والكثير، لا نقبل بأي نوع مِن أنواع الخيانة، ولا نعامل خيانة الرجل بشكل أهون مِن خيانة المرأة، والعكس صحيح.
فالخيانة تظل خيانة، مهما اختلفت المسميات، رجل كان أو امرأة.
لكننا في السينما المصرية، عهدنا مشاهدة الخيانة والسرقة والكذب في إطار كوميدي، ولم يشكل ذلك فرقًا أو مشكلة للكثير، ببساطة لأن الشعب المصري شعب خفيف الظل وقد لا يأخذ الأفلام على محمل الجد، بالرغم مِن أن هذه الأفلام تمثل الواقع.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الفيلم يخضع لخيال المؤلف والمخرج، ولا يمكننا السيطرة على أيٍّ منهما.
أيضًا، قد يكون هدف طاقم العمل توصيل رسالة معينة للمجتمع في إطار خفيف الظل يبعد عن المواعظ ولكنه يرتكز في قلوبهم وعقولهم، بل يثير داخلهم أسئلة مهمة قد تجعلهم يغيرون مِن أنفسهم.
نجح فيلم «نادي الرجال السري» في فعل ذلك، وفي جعل الكثير مِن المشاهدين يطلقون العديد مِن الأسئلة حول المجتمع المصري والعادات والتقاليد.
الفيلم مِن إخراج خالد الحلفاوي، وتأليف أيمن وتار. عُرِضَ الفيلم في 23 مِن شهر يناير لعام 2019.