غطاء الرأس…حجاب العقل
هل تعتبر كل المضايقات تنمر؟ سيظل هذا السؤال مطروح في المجتمع المصري بشدة ما بين الطبقات المصرية اجمعها. ينقسم التنمر إلى ثلاث أنواع ولكن من وجهة نظري، أكثر الانواع أذى للشخص هو التنمر الاجتماعي والأكثر أذى عندما يأتي التنمر من إحدى الشركات التي تعتبر من الطبقة العليا في المجتمع والتي أيضاً يطلق عليها الشركة الأكثر مساعدةً للشباب ومحبةً للخير.
كان يوماً عادياً في وسط الاسبوع عندما تلقيت رسالة على الايميل بها فرص تدريب للشباب في جميع المجالات مصحوبة بعدد ساعات تطوعية في إحدى المؤسسات الخيرية بمصر، قدمت للتدريب و ملأت الاستمارة التي طلبت مني معلومات عن نفسي وشخصيتي وماذا فعلت في خلال السنين الدراسية من نشاطات في الجامعة، ولم تطلب الاستمارة أي صور شخصية وكان هذا بالنسبة لي شيء طبيعي.
بعدها قاموا بالإتصال بي لتحديد معاد للمقابلة في إحدى أكبر الفنادق ، ذهبت إلى المقابلة بكل حماس وقابلت سيدة محجبة ودعنا نضع منه خط تحت كلمة محجبة، بدأت بالكلام معها عن حياتي الشخصية وتحدثت معها عن الأعمال التطوعية التي شاركت فيها على مدار الأربع سنين الجامعية وما قبل ذلك وكانت السيدة سعيدة جداً بما تستمع به وفي وسط المقابلة دون أي إنذارات نادتها زميلتها وقاما بالتحدث لمدة دقيقة وهم ينظرون إلي وبعدها قالت لها الشيء الأكثر صدمة لي في حياتي بأكملها، «عفواً الشركة التي تقدمت إليها لا تقبل محجبات» والشيء الأكثر صدمة كان السبب، «التدريب الذي تريديه فيه تعاملات كثيرة مع العملاء ومدراء الشركة لا يفضلون موظفين محجبات»، وهنا شعرت بأقصى درجات التنمر التي لم اتعرض لها طوال حياتي.
أنا محجبة من 10 سنوات، وطوال حياتي كنت في مدارس دولية وعلى مدل ال-5 سنين الأخرين، سافرت إلى كثير من البلاد الأوروبية ولم اتعرض أبداً إلا أي صورة من التنمر على مظهري الخارجي الذي يتضمن حجابي.
لم أكن اتوقع أبداً حدوث هذا من شركة مصرية الأصل تدعى بمساعدة الشباب لتحقيق أحلامهم المستقبلية في نفس ذات الوقت تتصف أيضاً بالتفرقة بين البنات لمجرد مظهرهم الخارجي، تسألت بعدها كثراً إذا كان هذا القرار من الشركة نفسها التي قدمت له أم من المؤسسة التي توصلنا بهذه الشركات، ولكن في وقتها لم اهتم من هو بمن المسئول على قرار مثل ذلك.
قررت عدم السكوت والسلبية واستخدمت الشيء الوحيد الذي في يدي للتعبير عن احساسي الشديد بالتنمر وهو الكتابة على صفحتي الخاصة على Facebook ولم أتوقع أبداً ردود أفعال الناس التي أعرفها أو لا أعرفها وإنتشر الموضوع بسرعة فائقة وكانت المفاجأة بالنسبة لي أن الشركة التي قدمت لها لم تكن أبداً من قوانينها منع توظيف المحجبات وأن هذا كان إدعاء شخصي من المؤسسة التي تعتبر حلقة الوصل بين الشباب والشركات.
قامت المؤسسة بالإتصال بي بعدها وكان من المتوقع أنهم سوف يعتذرون عن ما حدث، ولكنهم زودوا نسبة التنمر بإتهامي بالإساءة لسمعة المؤسسة، وهذا بالنسبة لي أكبر وأضخم أنواع التناقض القادم من شركة هدفها الأساسي الأعمال التطوعية.
وفقاً لمنظمة اليونيسف، يتأثر المتنمر كثيراً بعد الحادث بالشعور بالذنب، ولكن مع حادثي الشخصي لم يتأثر المتنمر بأي من الذنب ولكن استكمل التنمر بكل اشكاله، ليس فقط التنمر الاجتماعي بل التنمر اللفظي أيضاً.
نصيحة لضحايا التنمر الذي يعتبر الآن خطر كبير على الأطفال والشباب، لا تجعلوا أي متنمرين يوقفوا طموحكم واحلامكم. ونصيحة للشركات والمؤسسات التي تؤثر كثيرا على مستقبل ونفسية الشباب، لا تجعلوا التنمر من إحدى خصائصكم .