التـنـمر سـلاح أطـفـال الشـوارع للـدفـاع عـن النـفـس
يواجه أطفال الشوارع الكثير من المشاكل المادية والاجتماعية والتي تؤثر سلباً علي شخصيتهم و على بناءها. من أبرز ما يعاني منه هؤلاء الاطفال هي ظاهرة التنمر الذي يتعرضون له أثناء تواجدهم في الشارع من قبل اهلهم والناس بالشارع.
أصبحت ظاهرة أطفال الشوارع ظاهرة منتشرة بالمجتمع المصري، مابين أطفال تسرح بأكياس المناديل وأخرى تنتظر اضواء اشارات المرور الحمراء لتندفع نحو السيرات لتنظيفها مقابل جنيهات قليلة، فيصبح الشارع هو ملجأهم الاوحد. يتعرض هؤلاء الأطفال إلى الابتزاز خلال سعيهم للحصول على المال، كما يتم جمع الأموال التي حصلوا عليها بالإكراه
قال الطفل س، البالغ من العمر 13 سنة، «كل يوم احاول انا و اخوتي ان نجمع الأموال لاعطائها لاسرتي، واحاول ان اترك بعض الفلوس لنفسي من وراء أهلي، لكي اشتري ملابس لنفسي ولاخواتي ولكن أهلي يأخذونهم دائما.. من كثرة تعرضي للتفتيش من قبل السخفاء الذين يتعرضون لي، عملت تكميرا (جيب سري) اضع فيه الفلوس للحفاظ عليها.»
وأضاف س، انه عندما يتم أخذ أمواله يبحث علي اطفال اصغر منه سنا لأخذ أموالهم لتعويض خسارته، لانه إن لم يفعل ذلك و عاد الي المنزل بمبلغ أقل من المطلوب سوف يضربه اهله في البيت وهو يخاف من غضبهم.
ذلك التصرف يتعارض مع مبادئ س ولكنه يعتقد أنه إن لم يفعل ذلك سوف يكون هدف سهل لاي متنمر لانه عندما يتنمر علي اطفال اخرين يوجه رسالة انه قوي ويعتبر سلوكه هذا تمرين لتحضيره لأي شخص يتعرض له.
بينما يتبع الطفل ع استراتيجية اخري للحفاظ على أمواله. قال ع «اقوم بدفع اموال كل اسبوع ل»كبار المنطقة» لكي يسمحوا لي بأن اشحت في شارعهم، وذلك يحميني من اي اعتداء لانني اصبح في حمايتهم».
أضاف ع انه يحاول كسب المال بأي شكل فينظف السيارات، يعمل كسايس عربيات، و احيانا يقبل تحديات الناس من اجل اعطائه المال. كما يشير ان هناك ناس يقمون بمساعدته بشكل دائم باعطائه المال و ملابس واحيانا العاب وهو يحبهم بشدة.
يستغل العديد من الناس فقر وضعف الآخرين لتحقيق مصالحهم الشخصية أو لمجرد الاستمتاع بفرض سيطرتهم علي الاضعف منهم، تبرر لهم قوتهم لاستغلال الآخرين و ابتزازهم، وغالباً ما يكون الأطفال الشوارع ضحية هذا النوع من التنمر لحاجتهم لجمع المال وصغر سنهم، فيكونون صحية سهلة الاستغلال.
أعلن المركز القومي للبحوث الجنائية في 2017 أن عدد أطفال الشوارع في مصر قد وصل إلى 16 ألف طفل.
مع تزايد أعداد السكان في مصر بسرعة كبيرة، لا تستطيع الكثير من الأسر تحمل مصاريف أولادهم فيرسلوهم إلى الشارع ليكونوا مصدر دخل للأسرة. كما يخرج العديد من الاطفال الى الشوارع بانفسهم ليبحثوا عن حريتهم والهروب من العنف الأسري ويتسولون من اجل المال، او لاسباب اجتماعية او مادية.
يتسبب التنمر في أضرار نفسية ضخمة بالنسبة للأطفال، وخاصة أطفال الشوارع لأنهم يتعرضون للتنمر بنسبة أكثر من باقية الاطفال. يؤدي ذلك إلى حالات اكتئاب للأطفال في سن مبكر، مما يتسبب في فقدان ثقتهم في انفسهم و يزيد من ميلهم للانتحار او اللجوء الى استخدام المخدرات.
كما يتسبب التنمر للانسان في سن مبكر إلى سوء علاقاته الاجتماعية و اظهار سلوك اجرامي، والميل الي اذية النفس. كما يتسبب فى عدم ثقة الطفل بالآخرين مما سيؤثر على شكل حياة الطفل للأبد، لذلك عندما لا يحاول الناس مساعدتهم لما يتعرضون له من تنمر يساهم في اضافة الصعوبات و العقبات لحصولهم على حياة أفضل.
من احدى الحلول التي يحاول الناس تحقيقها لمساعدة هؤلاء الأطفال، هي ظاهرة التبني او دور الأيتام الذين يقوموا بتربية الايتام او اطفال الشوارع و التحسين من احوال معيشتهم وفي نفس الوقت تعويض الاسرة التي لم ترزق بطفل.
قالت مروة حسين، مستشارة بمركز الإرشاد الطلابي بالجامعة، أن رعاية التبني في الخارج تحدث عندما يتعرض الطفل الى اساءة و ضرر كبير من قبل اهله، حيث يصبح من الصعب عليه أن يعيش وسط عائلته و ليس لأنه يتيم.
أضافت حسين، «في حالة ان هناك اسر تريد تبني طفل و قاموا بالتوجه الي الوزارة وتمت دراسة حالتهم بحرص, فسوف يكون سيناريو رائع. لكنني اخشى ما اخشاه، ان يكون لتلك الأسر اولاد، لأنهم عندما يقوموا بتبني طفل سوف يكون هناك دائما تفرقة و مقارنة بينهم.»
يتعرض الأطفال عند تبنيهم سواء في دور الأيتام او من قبل اسرة لحالات تنمر من قبل الاطفال الاكبر سنا، او المشرفين ومن قبل الأهالي. كما تم الإعلان عن العديد من حالات التحرش الجنسي للأطفال في دور الايتام او في بيت الأسر البديلة. مما جعل الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، تصرح بأن أكثر من 75% من دور الأيتام في مصر تستحق الإغلاق، كما قد قام رئيس الوزراء بتعديل قانون الأسرة البديلة.
أشارت حسين أن في حال وصول الطفل إلى مرحلة عمرية كبيرة سوف يكون من الأفضل له أن يذهب الى دار ايتام بدلا من ان يذهب الي اسرة منجبة. حيث في دار الأيتام لن يشعر الطفل بالتفرقة و سوف يرى نفسه مثل الآخرين، علي عكس ان يذهب الي اسرة يشعر فيها انه اقل شئنا من افرادها.
قالت حسين انه من الممكن ابقاء دار الأيتام ولكن يجب أن يكون هناك رقابة مستمرة عليها للتأكد من جودتها، كما تفضل إجراءات التبني مع اتخاذ الشروط اللازمة لضمان حياة أفضل للأطفال ليارعاها أكبر عدد من الاسر والاطفال.