التنـمر في المدارس الحكومية و الخاصة: العقاب مختلف ولكن النهج واحـد
ينتشر التنمربدرجة كبيرة داخل المدارس فى مصر سواء بين الطلاب وبعضهم أو بين الطلاب وأساتذتهم.
وفقا لتقرير أصدرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في عام 2018 ضد عنف الأطفال، أن ما يُقارب 130 مليون طالباً في المدرسة يشتكي مِن التنمر على الأقل مرة في الشهر.
ووفقاً للأمم المتحدة التعليمية والمؤسسة الاجتماعية (يونسكو)، تُعتبر أعلى نسبة للتنمر بين طلاب المدرسة في شمال أفريقيا، حيث قدم ما يقارب من 42.7% مِن الطلاب شكوى مِن التنمر بشتّى أنواعه. أما في الشرق الأوسط، هذه النسبة تُمثِل 41.1%، وهي نسبة أعلى مِن نسبة أوروبا التي تمثل 25% وشمال أفريقيا 31.7%.
تُعد هذه النسبة مخيفة، ولكن تحاول الدول المحيطة التكيُف وظبط هذه النسبة والحد مِن الآثار المدمرة للتنمر بين الشباب والأطفال.
قام المجلس القومي للطفولة والأمومة بعمل دراسة مع وزارة التربية والتعليم عام 2015 عن العنف في المدارس في ثلاث محافظات، والنتيجة كانت وصول نسبة التنمر في المدارس إلى 47%.
وقامت وزارة التربية والتعليم المصرية هذا العام بالتعاون مع اليونيسف لإطلاق أول حملة قومية ضد التنمر، في محاولة لتوعية الطلاب والأهالي والمدرسين عن التنمر.
وتحت رعاية المجلس القومي للطفولة والأمومة، تهدف الحملة إلى إنهاء التنمر بين الطلاب والعنف في المدارس.
وصرّحت الحكومة المصرية أن التنمر يخلق قلقاً نفسياً ويُدمِر النمو النفسي والجسدي.
يقارن الناس بين نظام التعليم في المدارس الخاصة والحكومية، ولكن الفرق الغير قابل للمقارنة هو أن المدارس الخاصة تهتم بالطلبة وتعليمهم أكثر من إهتمام المدارس الحكومية.
قالت عايدة الطناني، مدرسة الرياضيات، التي فضلت عدم ذكر اسم المدرسة التي تعمل بها، «كان زملائي دائما يستغربون عدم ضربي للطلبة، معتقدين أن الضرب تقنية فعالة في تعليم وتأديب سلوك الطلبة.»
وأوضحت أن الشتائم والهجوم والافتراءات تحدث باستمرار، سواء من الطلاب للطلاب أو المدرسين للطلاب، لهذا اعتاد الطلبة إلى الإساءة ولم تعد تؤذيهم.
شرحت الطناني، «لا يضرب المدرسين الطلاب بشكل مباشر، بل يكتفي بصفعة على اليدين أو الذراعين باستخدام عصا رفيعة. الهدف وراء استخدام العصا الرفيعة خصيصاً هو التأكد من أنها مؤلمة.»
أضافت الطناني، أن معظم مدرسين المدارس الحكومية مقتنعين أن الإيذاء الجسدي ضروري في عملية التعليم و تأديب الطلبة وفي بعض الأحيان يشجع الأهالي على الضرب في حالة تلقي شكاوى من سلوك أبنائهم.
على الرغم من وجود هذه القضايا في المدارس الحكومية، ولكن معظم المدارس الخاصة تتعامل مع التعليم بطريقة مختلفة، حيث أن الإهانات و التنمر لا يعتبران شيئاً طبيعياً.
قالت ناجية كامل، مدرسة اللغة العربية في مدرسة خاصة، «يواجه المدرسون مشكلة حقيقة مع الطلاب وأولياء الأمور وإدارة المدرسة إذا حاول أحدهم إيذاء أحد الطلبة.»
أضافت أيضا، «تأخذ المدرسة هذه القضايا على محمل الجد بحيث يمر المدرس بالكثير من المتاعب وقد يصل الأمر إلى الطرد إذا كان الأمر خطير.»
أوضحت كامل، أنه من الطبيعي أن المدرسة تضطر إلى اتخاذ قرارات جدية ضد أي سلوك من الإساءة اللفظية او الجسدية، لأن المدرسة لديها سمعة وتحتاج أن تحافظ عليها. لذا، يتعرض الطالب المتنمر إلى الفصل المؤقت او ربما الطرد علي حسب حجم المشكلة.
وفقاً للباحثة العلمية جيسيكا مارجولين، لدى المدارس الخاصة ميزة؛ وهي القدرة على انتقاء الطالب الذي يُقدِم في المدرسة، ولذلك لديهم القدرة في السيطرة على أي فعل خارج عن النمط الطبيعي.
ولكن على صعيدٍ آخر، الأمر مختلف بالنسبة إلى المدارس الحكومية، وذلك بسبب وجود أنواع مختلفة مِن الطلاب وبسبب الموارد المحدودة، لذلك قد يتنمر الطلاب على بعضهم البعض ثم يفلتون مِن العقوبة.
وأضافت مارجولين أن أداء المدرسين في المدارس الحكومية يُعد ضعيفاً جداً ومع هذا الأداء لا يُشرَف عليهم ولا يتحملون المسؤولية بسبب الموارد المحدودة والزيادة الفائقة لعدد طلاب الفصل الواحد.
قال مالك عبده، ١٥سنه، طالب في مدرسة خاصة، «لقد كنت في المدرسة خاصة لمدة سبع سنوات ولم أتعرض ولو لمرة واحدة الي الإساءة من مدرس، سواء جسديا أو لفظيا.»
أضاف عبده، «أسوأ إهانة كانت أن يطلق عليك فاشل. والمعلم الذي قال لي هذه الجملة، عاني من عواقب، حيث أصدر والداي شكوى رسمية إلى صاحب المدرسة وأصبحت مشكلة كبيرة أتعبتها الكثير من العواقب.»
وأوضح أن المستشارين في المدرسة قادرين علي حل العديد من النزاعات التي يمكن أن تتصاعد كثيرا. بالاضافة إلى أن المستشار يتوقع حدوث حالات التنمر في بعض الأحيان حتى قبل أن تحدث بسبب تقارير المعلمين وملاحظاتهم على الطلاب.
بالرغم من التعامل الصارم في المدارس الخاصة تجاه التنمر، إلا أنه يحدث بطريقة او أخري حتي في المدارس المرموقة.
أثبت طالب في المرحلة الثانوية في مدرسة خاصة عكس ذلك.
طالب عمره 13 سنة قال للقافلة أن طالب مرفوداً ارتدى زيّ المدرسة الموحد وبالفعل ذهب للمدرسة ثم بدأ في التنمر جسديا عليه.
خوفا من تفاقم الأمر، اتصل الولد بأخيه الأكبر. قال الطالب، «ظنوا أنني أريد ضرب الطالب المرفود، لذا بدأوا بضرب أخي. لم أكن أعرف ما أفعله وكنت حقًا خائفة جدا.»
على الرغم من أن الموضوع لم يكن خطأ الطالب وحده، فهو الوحيد الذي رفده مدير المدرسة. وقال الطالب، «قال المدير أشياء سلبية عني حتى أصبح جميع المعلمين يكرهونني».
قال رائد، طالب في مدرسة خاصة ، ورفض ذكر الاسم والمدرسة خوفا من الطرد، «يعرف المتنمرون أنهم سوف يقعون في ورطة كبيرة إذا تم الإمساك بهم لهذا اكتشفوا أفضل الأماكن التي يمكن فيها الإساءة لي بدون علم او اكتشاف أحد.»
وأوضح أنه يتعرض إلى الابتزاز من قبل المتنمرين بسبب حصولهم علي صور خاصة له، وهُدد بنشر الصورة إذا فكر في إخبار أحد أو الشكوى ضد أحد منهم.
أضاف رائد، «يعرف المتنمرون أن أفعالهم يمكن أن تنهي مسيرتهم الأكاديمية والمهنية وبالتالي يتخذوا الابتزاز كضمان على أن أعمالهم سوف تبقى سراً.»
لدى بعض المدارس العامة آليات أخرى في التعامل مع التنمر بين الطلاب، ومعظم الوقت قد لا يفعلون شيء.
قالت شيرين عماد، مسؤولة عليا في مدرسة حكومية، «لا يتدخل المدرسون عند رؤية اثنين من الطلاب يوجهون الإهانة الي بعضهم البعض أو حتى عند وجود ضرب جسدي طفيف، يحين التدخل فقط عندما يدرك المدرس أن الطالب قد يحصل على جروح خطيرة.»
وأوضحت أن الصحة النفسية للطلاب ليست أولوية للمعلمين في هذه المدرسة الحكومية.
وأضافت، «سيُعتبر نفاقاً من المدرسين أن يطلبوا إنهاء القتال أو الإهانة بين الطلاب لأنهم يفعلون ذلك بأنفسهم مع الطلبة.»