نظرة أقرب إلي شاعر القافلة وحارس الأمن محمود حلاوة
هناك رجل يعمل في الجامعة الأمريكية بالقاهرة. في النهار، هو حارس أمن، وفي الليل، هو شاعر يتحدث عن حياة الناس التي يراها كل يوم من مختلف مشارب الحياة.
ولد محمود حلاوة في مصر في 15من نوفمبر عام 1986، وترعرع في القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية.
تخرج بدبلومة صناعي قسم تركيبات ميكانيكية من جامعة الثانوية الصناعية للقناطر الخيرية، ثم بدأ العمل كحارس أمن في الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 2009.
ويستمتع حلاوة بكتابة أنواع مختلفة من الشعر وذلك في وقت فراغه. حيث بدأ ظهور حبه وشغفه الشديد له منذ الطفولة، وبالتحديد في سن المراهقة.
في الرابعة عشر من عمره، شهدت كتاباته شهرة محدودة، تمثلت في أصدقائه المقربين ولكنها نالت استحسانهم جميعًا.
وكانت قراءة الشعر بمثابة الشرارة والحافز الذي دفع حلاوة لكتابة الشعر. فبات يفضل أشعار صلاح جاهين، والذي يعتبره شاعره المفضل حتى يومنا هذا. ولكن هذا لا يمنعه من التطلع وقراءة قصائد شعرية لشعراء آخرين.
قال حلاوة «قصائدي الأولى كانت على غرار قصائد جاهين، وقد صيغت على غرار هيكل قصائده».
ويعتبر حلاوة استقرار حالته النفسية من أهم العوامل التي تساعده على كتابة الشعر. ولذلك فإنه يهتم اهتمامًا كبيرًا بأن يكون ذهنه صافيًا قبل أن يلجأ للقلم.
ولكن كثيرًا ما يجد نفسه في حالة غير مستقرة بسبب ضغوطات الحياة والعمل التي يتعرض إليها، مما يخلق له تحديًا يوقفه للحظة عن الكتابة.
لم تتوقف العقابات التي يواجهها حلاوة عند ذلك فقط.
فأضاف، «التحدي الأكبر الذي واجهني في قصائدي الأولى هو أنني واجهت صعوبة في خلق القافية الصحيحة. حتى بدأت في قراءة ليس فقط المزيد من الشعر ، ولكن أيضًا قراءة كتب التعليمات التي شرحت بنية الشعر التي بدأت في تحسينها».
لم ينشر حلاوة شعره الخاص حتى ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 فكتب قصيدة تتعلق بالحدث، وبعد التشجيع القوي من أصدقائه، أرسل قصيدته إلى صحيفة الجامعة «القافلة».
تواصل حينها مع مارينة برسوم، والتي كانت في هذا الوقت رئيسة تحرير القافلة ووافقت أن تنشر شعره.
لم يكتسب نشر قصائده إشادة من طلاب الجامعة الذين قرأوا فقط، بل مدح الزملاء وأفراد العائلة والأصدقاء أيضًا.
قال سامح عبد الرحيم، زميل حلاوة في الأمن، «إن الشيء العظيم في عمله هو أنه بسيط، لذا يمكنك قراءته دون تعقيدات».
أضاف عبد الرحيم أن شعره هو وصف حيوي ونموذج مفصل عن مجتمعنا والناس الذين يعيشون فيه. فهو بمثابة مرآه تعكس واقع الطبقة الفقيرة من الشعب المصري٬ والتي لا يتحدث عنها الكثيرون.
قال ابن عم حلاوة أحمد مصطفي، «بالنسبة لأهمية كتابته فإنها مهمة جدًّا لأنه يستطيع وصف حالة الشباب وحال الشعب باللغة العامية لكي ما يعكس يشعر الناس».
قال صديق حلاوة محمد سيد مرسي،«كان حلاوة يكتب شعر زجل كوميدي في بعض الزملاء وكان يجعلنا نبتسم ونضحك كثيرًا مبهورين بالقافية ووصفه للشخصيات مضحكة».
فكتاباته عن الثورة نالت اعجاب العديد من زملاؤه ولمست مشاعر كل من قراءها.
قال مرسي، «أول كتاباته كانت عن الثورة وبكينا أنا وزملائي بسبب المشاعر التي عبر عنها وكانت أول كتابته في القافلة تتكلم عن شهداء 25 يناير. بكيت فيها لأن المشاعر التي وضحها كانت تعكس شعور الناس في هذه اللحظة».
وتحدث حلاوة عن العامل المشترك بين كل أعماله، وهو التركيز على حياة الشعب المصري وحبهم لبلادهم ليس بالمعنى الوطني ولكن بالمعنى العاطفي. فالمصريون مرتبطون عاطفيًا ببيوتهم وعائلتهم.
بالإضافة إلى ذلك، فجميع أعمال حلاوة يناقشون النضال اليومي الذي يعاني منه المواطنون المصريون طوال حياتهم، سواء كانوا طبيعيين أو روحيين. فهو دائمًا ما يفضل أن يكتب عن المواطن المصري وكيف تؤثر عليه التغييرات السياسية والاقتصادية التي تحيط به.
قال حلاوة: «واحدة من قصائدي الأخيرة كانت تسمى أنا غير راضٍ عن الحياة والأمر يتعلق بالرغبة بالماضي عندما كانت بلادنا في حالة أكثر استقرارًا من الآن. وهذا هو أحد الموضوعات التي غالبًا ما أكتب عنها».
أضاف حلاوة « دائمًا يقول لي الناس إنني أفهم حياتهم اليومية وهذا شيء يسعدني».
رغم رضاه عن منصبه الحالي كحارس أمن، إلا أن حلاوة لا يتردد في الاعتراف بأنه يحب بالتأكيد الحصول على وظيفة كاملة ككاتب وشاعر لينمي موهبته في اطار وبشكل أكثر مهنية واحترافية .
قال حلاوة : «إذا حصلت على فرصة أن أكون دائمًا كاتبًا فحينئذٍ أغتنم الفرصة بالتأكيد. أريد أن أكتب شعر، وقصائد وأغاني وأيضًا أحلم بأن اكتب رواية في يوم من الأيام وسأحاول أن أقوم بدوري للتفرغ».