تلال القمامة…من المسؤول؟
طالما أردت كتابة مقال رأي في القافلة ولكنني ترددت كثيرًا قبل أن أتخذ هذه الخطوة بسبب حيرتي الشديدة في اختيار موضوع يهمني أو يهم غيري. وأثناء تفكيري في أول موضوع، استوقفني مقالًا بعنوان «شوارع مصر خالية من القمامة في ثلاثة أشهر» عندما كنت اتصفح موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. لم أتردد لثانية أن أفتح واقرأ المقال، وذلك ليس بسبب إيماني الشديد أو بمعنى أصح أملي في أن يكون هذا الكلام صحيحًا، ولكن بسبب الفضول الذي انتابني لمعرفة وسائل تحقيق هذا الهدف. وقرأت المقال، وكأنني قد قرأت كل كلمة وكل جملة مكتوبة من قبل. ثم توقفت للحظة وسألت نفسي سؤالًا أعرف إجابته جيدًا، القمامة مشكلة تبحث عن حلول منذ التسعينات أو ربما قبل، فهل هي سلوك شعب أم أزمة حكومة؟
حينها ظهرت أمامي سلسلة من الصور المعتادة التي تثير غضبي والتي أراها يوميًا أثناء رحلتي من البيت في مدينة الشيخ زايد بالسادس من أكتوبر للجامعة في التجمع الخامس. نعم، هي رحلة طويلة ولكنها تكاد لا تخلو من القمامة وخاصًة على الطريق الدائري. أشخاصًا يلقون بالمهملات من نوافذ السيارات على الطرقات، تلال القمامة تعلوها مجموعة من الأغنام والكلاب والقطط، حريق القمامة ورائحتها الكريهة، وأشخاصًا آخرون يلقون بالمهملات بالقرب من صناديق القمامة، ولا يكلفوا أنفسهم عناء وضعها داخل الصناديق المخصصة لذلك. فالصورة وإن وصفت بشاعة المنظر فإنها لا تصف أبدًا المعاناة، التلوث، تشويه المنظر العام، والأمراض التي تسببها هذه التلال من القمامة التي تنتشر في جميع شوارع مصر حتى في الأماكن الراقية، وكأنها نعمة وليست نقمة.
فهل الجهود التي يسعى إليها القطاع العام أو الخاص قادرة على التخلص من القمامة وتغيير ثقافة شعب عذره الأساسي متمثل في جملة «هي جت عليّ أنا؟ ما كل الناس بترمي في الشارع،» وذلك بالطبع لا يعفي الدولة من مسئوليتها تجاه أزمة القمامة في مصر ولكنه يلقي اللوم الأكبر على الشعب.
ولكن يبقى السؤال الأهم أيها المواطن، هل إدارة النفايات داخل أسرتك وإزالتها من المباني، والحد من إنتاجها من خلال إعادة الاستخدام، وإعادة تدويرها من خلال فصل المصدر، والحفاظ على نظافة المناطق العامة، يعد أمرًا شاقًا ويصعب تنفيذه لهذه الدرجة بالنسبة إليك؟ إذا كانت الإجابة لا، فهناك أملًا للتخلص من تلال القمامة في مصر وذلك بسبب ضرورة تعاون وعمل كل الأطراف معًا. أما إذا كانت الإجابة نعم، فأكرر، ستبقى القمامة من أكبر الأزمات التي تواجهها مصر والتي يصعب السيطرة عليها رغم كل الجهود المبذولة من قبل الدولة.
ولكن ما أخشاه حقًا والذي بالفعل بدأت أن أشعر به، أن تنقلب أزمة القمامة في مصر إلى أزمة تعود عليها الشعب حتى أصبح لا يبالي ولا يسعى لحلها، عندئذ فقط تنشأ الأزمة الحقيقية…