الوقت كالسيف… كده كده هيقطعك
كنت جالسة أمام التلفاز أتناول غذائي بإحدى عشيات يوم الجمعة حتى لاحظت سرعة مضغي للأكل مع أنني لم أكن في عجلة من أمري، فتعودت على تلك الطريقة السريعة للأكل عندما تجبرني أمي على تناول الطعام مسرعة قبل نزولي صباحا.
نفس تلك السرعة اللا ارادية والغير ضرورية وجدتني أتبعها في قيادتي أو حتى سيري على قدمي.
فأصبحت أشعر أني أختنق عندما تبطأ السيارة أمامي، ودائما ما تسبق حركتي أى شخص أسير بجانبه.
اعتدت على هذا الرتم السريع في حياتي بشكل عام حتى أصبح الاستعجال والهرولة جزء لا يتجزأ من شخصيتي، سواء كان لسبب أو بدون سبب.
وهذا الحال ليس حالي فقط، فمعظم من حولى يبدون دائما وكأنهم في صراع مع الوقت أيضا. نحاول إنجاز كم مهول من الواجبات في آن واحد وجميعها ضرورية.
وكرهت فكرة «قائمة ما على إنجازه» الشهيرة لأن خطة تقسيم الوقت خطة شبه مستحيلة في هذا العالم العشوائي، فمهما نظمت وقتك، ستجد شيئا خارجا عن ارادتك فجأه ليفسد كل الخطة. وان كنت محظوظا وتجنبت ذلك، نسبة وصولك في الميعاد وتقديرك للمسافات ليست فقط مهمة صعبة، بل تؤثر عليها العديد من العوامل الخارجية الثابتة مثل الازدحام المزمن وتأخر الآخرين وغيرها.
وحتى عندما نلتزم بالخطة، أصبحت محتوياتها البسيطة والمعقدة مجرد واجبات ننهمك فيها كالإنسان الآلي لا وقت لديه للاستمتاع بأي شئ، ينتقل من عمل لآخر فقط.
بين كل تلك الضغوطات، استحوذ تفكيري سؤالا واحدا، لماذا نترك أنفسنا فى صدر الموجة التي سرعان ما تنفجر بنا؟ كيف أصبحنا دائمي الركض والقلق والعمل الزائد؟
لن أزعم أنني وجدت الاجابة كاملا أو الحل حتى الآن، ولكنني حاولت أن أفهم أسبابي وأسباب من حولي على الأقل أولا.
للأسف لم أستطع تبرير هذا بفكرة تحقيق الذات والسعادة بالنجاح وحدها، فيمكننا أن نحقق ذاتنا بطريقة أبسط من هذه. كما أن العديد من الناس يبذلون قصار جهدهم في عملهم بالرغم من عدم شغفهم تجاهه.
التفسير المنطقي الوحيد الذي وجدته حتى الان هو انغماسنا في مرحلة متأخرة أعمق للرأسمالية جعلتنا نترجم كل الخبرات والانجازات الي سطور زائدة بسيرتنا الذاتية، تجعلنا أكثر قدرة على المنافسة في سوق العمل.
مهما زادت قائمة الإنجازات، لن تكفي. فيجب أن تكلل بالمزيد من العمل والجهد حيث أن المنافسة دائمة. النظام نفسه مبني على فكرة التنافس، والتي اتضح الآن أنها لسيت فقط مدمرة للطبقات الأكثر احتياجا، بل للجميع.
الأصعب أننا نعرف المشكلة ولكن لن نستطيع التخلص منها ولو قررنا عدم المشاركة، سيشارك أحد بالنيابة عنا. وحتى الانعزال بقوقعة بعيدة عن العالم غير مقدور عليه.