بـعـد ٢٨ عـام أخيراً مـصـر فـي المــونــديــال
تقرير : حسين المعتز و أحمد زاده
وتحقق الحلم أخيرا وتأهل المنتخب المصري لكأس العالم بعد 28 سنة متتالية من الانتظار والرغبة في الوصول. وجاء التأهل بعد 90 دقيقة من المعاناة داخل المستطيل الأخضر وخارجه. في حضور 80 ألف متفرج بملعب برج العرب بالإسكندرية أنقذ محمد صلاح آمال المصريين بهدف من ضربة جزاء في الدقيقة 93 بعد تعادل المنتخب الكونغولي في الدقيقة 87 .وأصبح محمد صلاح هو البطل الأسطوري.
ما قبل المباراة:
إذا كنت لا تعلم التفاصيل، مصير المنتخب كان مربوط بمباراة أخرى قبل مباراة الكونغو بيوم. كانت المباراة ما بين أوغندا وغانا وكانت أي نتيجة غير فوز أوغندا تقرب مصر بنسبة ٩٩% من حلم المونديال. تابع المصريون هذه المباراة فذهب الجميع الى المقاهي والنوادي لمشاهدة هذه المباراة المصيرية ومساندة «غانا».
وبالفعل بعد مباراة عصيبة للمصريين تحقق الحلم وتعادل المنتخب الغاني مع أوغندا. بعد المباراة مباشرة بدأت جميع وسائل الإعلام التعامل مع الموقف أن المنتخب في روسيا وبدأت الشركات الإعلانية تروج لفكرة الصعود رغم أن شرط الصعود هو فوز مصر علي الكونغو وهو لم يتحقق بعد.
وبدأ الفنانون والمشاهير التهافت علي فندق إقامة لاعبي الفريق لتهنئتهم ما قبل المباراة، ليعيد إلى الأذهان ذكريات مباراة مصر والجزائر بأم درمان في ٩٠٠٢.
حيث بدأ الناس في المباركة بوصول المنتخب لكأس العالم ٢٠١٠ بعد عودة الأمل .بعد استعادة هذه الذكريات ساد التشاؤم الشعب المصري وبدأ القلق ينتاب الجميع. لكن في نفس الوقت بدأ بائعين الأعلام في الانتشار بالشوارع وبدأ الجميع في تشغيل الأغاني الوطنية وكان الشغل الشاغل الوحيد في الإعلام هو المباراة والجميع علي المقاهي يتناقش في أمور المباراة.
الكل علي أعصابه، الكل منتظر هذا هو حال الجميع في يوم المباراة ، تحرك ٨٠ ألف مصري من منازلهم صباح اليوم الي برج العرب لحضور المباراة.
أما عن باقي الشعب فمعظمهم غادر عمله مبكرا استعدادا للمباراة حتى من لم يستطيع ترك عمله وقت المباراة كان يخطط لكيفية مشاهدة المباراة أثناء العمل. «اشتريت باقة انترنت ب ٦٠ جنيه علي هاتفي حتي استطيع مشاهدة المباراة» هذا ما قاله علي عبد الحكيم فرد أمن بمدينة الرحاب للقافلة.
الكل مستعد، المقاهي ممتلئة، الشوارع خاوية وكلمة «يا رب» هي الكلمة الوحيدة المشتركة بين كل الناس. «استأجرت ٥٠ كرسي من متعهد فراشة لأني كنت متوقع أن كراسي المقهى لن تكفي وبالفعل امتلأت القهوة عن آخرها» هذا ما قاله رجب السيد صاحب مقهى بالتجمع الأول.
حتى في الخارج المصريون كانوا منتظرين المباراة بشغف كبير. يحيي عمرو طالب مقيم بولاية شيكاجو بالولايات المتحدة قال « جهزنا لمشاهدة المباراة من قبل المباراة بأسبوع، تجمعنا كمصريين هناك وحجزنا قاعة مناسبات في فندق واستأجرنا شاشة عرض كبيرة لنشاهد المباراة سويا ،استغللنا انه كان يوم أحد وإجازة فكان تجمعنا سهلا.»
أثناء المباراة:
مع صافرة الحكم بدأت الدقات في قلوب المصريين. الخوف مسيطر علي معظم اللاعبين مما كان ظاهرا في طريقة لعبهم ومع مرور كل دقيقة يزداد الرعب في قلوب المصريين.
وأجمع المحللون أن غياب عبد الله السعيد عن المباراة أثر كثيرا على اداء المنتخب بسبب تركه لمساحة كبيرة بوسط الملعب. وأضاف السيد «بين شوطي اللقاء كان يوجد إجماع بين جميع المشاهدين في القهوة على ضرورة تسريع اللعب ومحاولة تعويض غياب عبد الله السعيد.»
ويتواصل الهدوء الحذر بالشوارع والميادين حتى أتى الهدف الأول عن طريق محمد صلاح فانفجرت الشوارع من صوت الفرحة بالهدف حتى يعود هذا الهدوء مرة أخرى. وأضاف عمرو «كنا في حالة رعب أكثر مما كانت قبل الهدف خوفا من استقبال الهدف الثاني.»
وقبل نهاية المباراة بدقائق بدأت الناس في التجهيز للاحتفال حتى أن «بدأت الناس في دفع حساب مشروباتها والاستعداد لترك القهوة للذهاب للاحتفال في الشوارع.» كما قال عماد عبده أحد عمال المقهى.
وأضاف عمرو، «بدا أصدقائنا الأمريكان في تهنئتنا لتحقيق الحلم رغم ذلك كنت قلق بشدة.» وحدث ما كان متوقعه عمرو لكن في وقت صعب جدا وهو هدف للكونغو في الدقيقة ٨٧ أي ما قبل انتهاء المباراة بثلاثة دقائق.
هذا الهدف نزل علي المصريين كالصاعقة خاصة أنهم كانوا يستعدون للاحتفال. قال السيد، «لم اري هدوء في حياتي مثل الهدوء الذي جاء عقب المباراة.» وأوضحت الكاميرات التي كانت تنقل المباراة من الملعب علامات الحزن والبكاء علي وجوه الجماهير المحتشدة في الملعب عقب الهدف « الذي يتحمله احمد فتحي نظرة لترك المساحة في ظهره خاوية والتغطية من القلب» كما قال طارق يحيي المدرب العام لنادي الزمالك.
ولكن فجأة تأتي المعجزة في صورة ضربة جزاء في الدقيقة ل ٩٣ لتهتز الشوارع من الفرحة مرة أخرى بعد خمس دقائق لم نسمع فيها غير صوت كلمة «يا رب». «عقب احتساب ضربة الجزاء تم تكسير أكثر من شيشة ومن فنجان من المبالغة في الفرحة.» قال عبده.
وأضاف السيد، «مكنتش هسامح فيهم لو كنا خسرنا». حتى اتى الهدف وانتهت المباراة ثم انفجرت الشوارع من الفرحة.
ما بعد المباراة:
في أقل من ثوان تحولت الشوارع الخاوية الى كرنفالات احتفال حتي الساعات الاولي من الصباح. تم اشعال الشماريخ وزجاجات البيرسول كنوع من التعبير عن الفرحة. وإذا كنت في منطقة راقية أو كنت في منطقة شعبية لن تجد الا الوان علم مصر. «غادرت عملي من الرحاب الي مدينة نصر في ثلاثة ساعات» أضاف عبد الحكيم.
حتي في امريكا احتفل المصريون بالشوارع وشاركهم الامريكان في الفرحة والتهاني كما أكد عمرو. وبعد صافرة الحكم مباشرة اذاع عمرو دياب أغنية جديدة احتفالا بالمباراة.
وكانت البهجة والفرحة تسود كل المصريين بمختلف معاناتهم وهمومهم. تكريما لمجهوداته محمد أعلنت معظم الشركات والمطاعم عن عروض وتخفيضات لأي مصري اسمه «محمد صلاح».
وكرم الرئيس عبد الفتاح السيسي لاعبي وجهاز الفني والمنتخب في اليوم التالي من المباراة احتفالا بالإنجاز التاريخي علي يد هذا الجيل.
ردود فعل الإعلام:
وكانت ردود الفعل بالإعلام المصري غير مسبوقة حيث تم تحويل كل استديوهات البرامج الي مهرجانات احتفالات صاخبة، واذاعت جميع الإذاعات المصرية الأغاني الوطنية فقط حتي الساعات الاولي من الصباح. وظهر كبار رجال الدولة والفنانين على الشاشات التلفزيوني ليكون الوصول لمونديال روسيا إنجاز وطني ليس فقط انجاز رياضي.
وعلي الصعيد الدولي تناولت جميع الوكالات العالمية الخبر مثل «بي بي سي» و»سكاي» التي أظهرت اعجابها بهدوء أعصاب «محمد صلاح» وقت تنفيذ ضربة الجزاء. وأشار عمرو ان جميع قنوات الرياضة في امريكا تناولت الخبر علي انه اهم الاحداث في اليوم على الصعيد العالمي.
جيل ٢٠١٠ و «الحضري»:
إذا كنت من مشجعين منتخب مصر منذ سنوات ماضية ستجد نفسك في حزن لانك كنت تتمني ان تري الجيل التاريخي لمصر بقيادة محمد أبوتريكة وأحمد حسن والمدرب التاريخي حسن شحاتة في كاس العالم. نظرا لان هذا الجيل حقق كل الانجازات الممكنة ماعدا الوصول للمونديال.
حتى طالب بعد الناس عودة أبوتريكة من الاعتزال لمشاركة منتخب بلاده في الحدث التاريخي.
حتي ظهر أبو تريكة بتدوينة علي تويتر نافيا نيته العودة للملاعب «مشاعر طيبة اشكركم عليها ولكن الواقعية أفضل ونحن لانسرق مجهود الآخرين فهؤلاء الرجال يستحقون التواجد وحدهم في هذا الحدث.»
ومن هذا الجيل الذهبي لم يتبقى الا عماد متعب الذي يشارك نادرا مع النادي الأهلي مما يصعب من فرصة لحاقه بالمونديال وعصام الحضري البالغ من العمر ٤٤ سنة وصاحب الانجاز التاريخي بصموده حتى هذا السن.
ويعد «الحضري» أيقونة تاريخية بتصميمه الشديد علي حراسة عرين المنتخب لدة كل هذه السنين ورفضه الاعتزال حتى تحقيق حلمه واللحاق بالمونديال. وقال احمد ناجي، مدرب حراس منتخب مصر، في تصريحات تلفزيونية، «الحضري يتدرب كابن العشرين يسطر تاريخ له في سجلات المنتخب المصري وإصراره علي لعب كأس العالم وأنه معجزة كروية حقيقية.»
هنعمل ايه فـي كاس العالم؟
بعد الوصول للمونديال بدأ المصريون يتأملون في مستقبل فريقهم ومستوى الأداء مع الفرق العالمية. ويرفض بعض المصريون طريقة أداء هيكتور كوبر الدفاعية المتحفظة ويتوقعون أن هذه الطريقة لن تنفع مع فرق المونديال.
وعلي النقيض أكد طارق يحيي للقافلة أن «كوبر» سيتمسك بطريقته الدفاعية أكثر وهي الأنسب في مثل هذه المناسبة خاصة أننا ننافس فرق أقوى في المستوي.
ويأمل المصريون أن يروا فريقهم ينافس بقوة في المونديال ويكونوا علي قدر كاف من المسؤولية في تمثيل مصر بروسيا.
دليلك لروسيا:
إذا كنت تريد السفر لروسيا لمساندة مصر في كأس العالم لا تتسرع في اتخاذ القرار الآن لأن أي قرار ستتخذه سيكون خاطئ بنسبة كبيرة. فعليك الانتظار حتى الأول من ديسمبر حيث قرعة المونديال التي ستعرف منها في أي مدينة ستلعب مصر لتبدأ التخطيط للسفر للمدينة التي ستلعب بها مصر. وإذا كنت تنوي الإقامة بموسكو لا تفعل ذلك الان لان ربما تجد نفسك بعيد بالاف الاميال عن المدينة التي يلعب بها منتخبنا.
وايضا يمكن ان تنتظر حتى تعرف مصير الرحلات الجوية بين مصر وروسيا المتوقفة منذ ٢٠١٥ بقرار من الحكومة الروسية. ولكن الخبر السعيد انك لن تحتاج الي تأشيرة روسيا لانك من مشجعي فريق يلعب بكأس العالم مما سيمنحك الفرصة للحصول على بطاقة «ID FAN» بمجرد شرائك تذاكر مباريات فريقك. وتمنحك هذه البطاقة التنقل بين المدن الروسية مجانا طيلة فترة كأس العالم.
الجميع متحمس لرؤية مصر في هذه المناسبة فعلي اللاعبون والجهاز الفني الاستعداد بنفس حماسة ملايين المصريين لاسعادهم مرة أخرى في يونيو القادم.