الانتحار وأذى النفس: تسليط الـضوء على المنطقة المحظورة
تقرير دعاء عبدالغني
يعاني العديد من الأشخاص من الأفكار الانتحارية أو أذى النفس دون إدراك من حولهم، وقد تزداد نسب من يلجأون لهذه الوسائل بسبب التقلبات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها مصر في الفترة الأخيرة.
فقد رصدت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، وهي منظمة حقوقية مصرية تهدف لتوثيق الانتهاكات التي تحدث في مصر، ٦٣ حالة انتحار عام ٢٠١٦ (٢٤ انثى و٣٩ ذكر) بسبب غياب الحقوق والاقتصادية والاجتماعية ونسبة الانتحار بين الفئة العمرية من ١٨ ل ٣٥ عاماً تشكل نسبة ٣٥ في المائة.
ووفقا للتقديرات الصحية لمنظمة الصحة العالمية، «الانتحار ليس له عمر محدد، وكان ثاني أهم الأسباب للوفاة بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ١٥ و٢٩ عاماً على الصعيد العالمي في عام ٢٠١٥.»
قال محمود السيد، موظف في مكتب الاستقبال في سكن الطالبات بالجامعة الأمريكية، «ينتحر العديد من الناس بسبب عدم قدرتهم على تسديد متطلبات أطفالهم وعائلاتهم فتكون الحلول أمامهم السرقة أو الانتحار، انهيار الاقتصاد في مصر سببا في الاضطراب في حياة الشعب المصري فعندما ترتفع الأسعار على العاملين الذين يعملون باليومية أو من ليس عندهم عمل يصلوا إلى درجة أن يقتلوا أنفسهم وأطفالهم.»
وعادة ما ترتبط الأفكار الانتحارية مع اضطرابات الشخصية وقد تختلف الأفكار الانتحارية في نوعها.
قالت الدكتورة سمر صبري، استشاري الطب النفسي، «عندما يصل الشخص إلى الحالة الانتحارية، فإنه على الأرجح لديه نمط سلبي يسيطر على تفكيره، ويكون لهذا النمط تأثير سلبي على نفسه وعلى الآخرين وعلى الحياة، وعادة ما يرتبط هذا النمط السلبي بمشاعر اليأس والشعور بعدم القيمة.»
وأضافت صبري أن الأفكار الانتحارية تنقسم إلى نوعين وهما الأفكار الانتحارية السلبية، وتلك تظهر عندما يكون الشخص لديه رغبة في الموت ويشغل الانتحار تفكيره دائما ولكن ليس لديه نية أو تخطيط مسبق للانتحار. والنوع الثاني هو الأفكار الانتحارية التي يكون الهدف منها الموت، حيث يكون الشخص لديه النية وأداة للانتحار.
إضافة الى ذلك، قالت صبرى، «خطر الموت من خلال الانتحار في المرضى المصابين بالشيزوفرينيا هو الأقرب إلى ١٠ في المئة وفي المرضى الذين يعانون من الاكتئاب يصل من ١٠ إلى ١٥ في المئة و٣٣ في المئة من الشباب الذين انتحروا لديهم سمات اضطراب في الشخصية.»
قررت ر.م، طالبة بالجامعة، التي رفضت الكشف عن هويتها، بمشاركة فريق القافلة بقصتها التي تتعلق بتجربتها مع إيذاء النفس.
قالت ر.م.، «بدأت بإيذاء نفسي في سن ١٥ لأنني شعرت بأنها الطريقة الوحيدة للهروب من الإحساس بالخطر الذي شعرت به باستمرار. لقد كانت وسيلة بالنسبة لي لوقف الأفكار المتسرعة التي تدور في رأسي وقد أعطاني شعورا بالراحة لأن الشعور الذي أتى كان مشتتا.»
وأضافت، «كنت أرتدي الحجاب في ذلك السن الذي بدأت بإيذاء نفسي لذلك كان من السهل إخفاء الندوب التي كانت على ذراعي وفخذي من عائلتي وأصدقائي. شعور الراحة الذي يأتي مع إيذاء النفس شعور مدمن، ولكنني أعرف أنه شعور مؤقت ولن يؤدي إلى حل أي من مشاكلي.»
دائما ما يظن البعض أن الأذى الذاتي يرتبط بالرغبة في الانتحار، ولكنه ليس كذلك ولا يقتصر فقط على الاستخدام التقليدي للأدوات الحادة.
حيث وضحت صبري، «الأذى الذاتي هو النية في إلحاق الألم أو الضرر على النفس عن طريق الخدش والقطع والعض وضرب الرأس على الحائط، ولكن الأكثر شيوعا هو الخدشات السطحية ولكن لا يكون عند الشخص النية لقتل نفسه أو الانتحار.»
وأضافت أن الأذى الذاتي لا يكون القطع أو الخدش قطعا فحسب، بل يمكن اعتباره الاندماج فى أي سلوك ضار بالنفس مثل السرعة الزائدة أثناء القيادة والشراء المفرط والإفراط فى تناول الطعام وإساءة استخدام المخدرات أو الكحول.
وقالت ر.م.، «ذهبت إلى طبيب نفسي وتم تشخيصي باضطراب الشخصية الحدية. الذهاب إلى العلاج ساعدني في معرفة كيفية التعامل مع المشاكل التي كنت أمر بها، ومع ذلك، لم أتوقف تماماً عن إيذاء نفسي. وقف الإيذاء الذاتي قد يستغرق مني بعض الوقت لأنه ليس شيء يمكنني القيام به بين عشية وضحاها.»
وأضافت ر.م.، «أنصح أي أحد يمر بهذه المشاكل أن يزور طبيب نفسي، ولا يجب أن ينتظر الشخص أن يحدث شيئا سيئا ليقرر أنه يجب أن يذهب إلى مختص، فحقا الوقاية خيرا من العلاج في هذه الحالات.»
في التقرير الصحي عن مصر من قبل منظمة الصحة العالمية، بلغت نسبة الوفيات الناجمة عن الإصابات في عام ٢٠١٢، ٤.٦في المئة وتمثل الإصابات المتعمدة ١٥.١ في المائة منهم، من ١٥ في المئة ٣٥ في المئة كانت نتيجة لإيذاء النفس.
إن عدم الاستقرار العاطفي أو وجود اضطراب في الشخصية هي سمة مميزة للإيذاء الذاتي، وعادة ما تكون شائعة في سن العشرينات والثلاثينيات، ولكن هناك دلائل على حدوث اضطراب وإيذاء النفس خلال مرحلة المراهقة المبكرة، وفقا لما ذكرته صبرى.
الأصدقاء والأسرة المحيطة الذين لديهم ميول انتحارية أو الذين يمارسون إيذاء النفس لديهم دور في التدبير الوقائي الذي يمكن أن يتخذوه لكي يساعدوا ذلك الشخص.
ووفقا للمعهد الوطني للصحة العقلية، هناك علامات تحذيرية للأشخاص الذين لديهم ميول انتحارية مثل التصرف بطريقة مضطربة، وعدم النوم أو النوم بشكل مفرط، والعزلة والانسحاب من أي تجمعات، والحديث عن الشعور باليأس وعدم وجود سبب للعيش وإساءة استخدام الكحول أو المخدرات والمهدئات.
وأضافت صبري أن على المرضى أنفسهم الذين لديهم ميول انتحارية أو من يؤذون أنفسهم أو لأسرهم أن يسعوا للمساعدة المهنية مثل العلاج ومجموعات الدعم، والأهم من ذلك أنه لا ينبغي للأسر أن تلقي باللوم على المريض وأن تعطي الحب والرعاية للمريض.