20 أبريل 2025, الأحد

بين السهر والقهوة والقلق: هل يدمر الطلاب صحتهم في سبيل النجاح؟

  • تحرير: مهند أبو سريع
  • حقوق الصورة: موقع فليكر

هل تعلم أنك لست الطالب الوحيد الذي يصاب بالقلق والتوتر في موسم امتحانات منتصف الفصل الدراسي؟ هل تدرك أيضًا عزيزي الطالب أنك لست وحدك الذي يلجأ إلى السهر لساعات طويلة في الليل من أجل المذاكرة والتحصيل، وتلجأ أيضًا إلى تناول جرعات متزايدة من مادة الكافيين بمختلف أنواعها وأشكالها من أجل اليقظة والمزيد من التركيز؟

إذا كنت من هؤلاء الذين يفعلون ذلك فانتبه واعلم أنك تدمر صحتك النفسية والجسدية معًا دون أن تدري. فقد كشفت دراسة بحثية نشرتها المكتبة الوطنية الأمريكية للطب في عام ٢٠٢٣ أن فترات الامتحانات لها تأثير سلبي على جودة النوم ومستويات التعب لدى طلاب الجامعات.

صحيح أن امتحانات منتصف الفصل الدراسي فترة مرهقة للغاية لجميع الطلاب. فالامتحانات متواصلة والواجبات لا تنتهي خصوصًا أن امتحانات نصف الفصل بطبيعة الحال تتزامن مع شهر رمضان بطبيعته الخاصة وصعوبة توفير الأوقات الكافية فيه للمذاكرة. وهو ما يمثل ضغطًا زائدًا على الطالب ويدفعه  إلى  السهر والاستعانة بالمنبهات لإيجاد وقت ويوضح نبيل صليبي، مدير مركز رعاية الطلاب، أن فترة الامتحانات هي الفترة التي يلجأ فيها أكبر عدد من الطلاب للمتخصصين في مركز رعاية الطلاب يطلبون الاستشارة.

لكن لماذا يلجأ الطلاب إلى شرب كميات أكبر من الكافيين والسهر طوال الليل، ولماذا قد تكون هذه العادات خطيرة؟

في العادة يلجأ الطلاب لزيادة كمية الكافيين في مشروباتهم لأنه يزيد من إفراز الدوبامين، وهو هرمون عصبي كيميائي، مما يعزز اليقظة ومستويات الطاقة بصورة سريعة. لكن، علميًا، هذه السلوكيات لها آثار سلبية بالغة على الصحة النفسية للطالب وتؤدي إلى خلل كبير في عمل الجهاز العصبي مما يؤدي إلى تدميره مع مرور الوقت. وذكر موقع “هيلث لاين” أن الإفراط في تناول الكافيين يعد مضرًا، إذ أنه يزيد من الطاقة واليقظة بشكل مؤقت لكنه يعرض الجسم لمخاطر صحية على المدى الطويل.

 وتقول لمياء السعداوي، طالبة في السنة الثالثة تدرس التسويق أن امتحانات منتصف الفصل الدراسي مرهقة لأنها تأتي هذا العام في شهر رمضان وأنها لا تجد وقتا كافيا للمذاكرة ما بين المحاضرات صباحا والالتزامات العائلية مساء، مما يؤدي إلى لجوئها إلى شرب الكثير من الكافيين لتذاكر طوال الليل. ومع قلة النوم لا تشعر أنها تستفيد مما تدرسه وتنساه فور أداء الامتحانات.

وهو ما يؤكده نبيل صليبي، حيث ذكر أن السهر الطويل وزيادة الكافيين يؤدي إلى الحرمان من النوم، مما يؤثر سلبيًا على المدى البعيد على وظائف العقل لدى الطلاب وتركيزهم ومستويات انتباههم، مما يؤدي إلى تراجع أدائهم في الامتحانات. مضيفًا أن زيادة الكافيين تؤثر سلبيًا على الجانب العاطفي والمعرفي، وقد تؤدي إلى زيادة التوتر والقلق، وقد تصل إلى الاكتئاب أحيانًا.

كما تؤكد لمياء: “كأن ذاكرتي تمحى لحظة انتهاء الامتحان. وفي النهاية، أخرج دون أن أتعلم شيئًا جديدًا، وأكون أكثر إرهاقًا وتعبًا”.

كانت  إدارة الغذاء والدواء الأمريكية قد أعلنت في  مقال عام ٢٠٢٤ أن الإفراط في تناول الكافيين قد يؤدي إلى ظهور أعراض مقلقة على الجسد، وهي: زيادة معدل ضربات وخفقان القلب، وارتفاع ضغط الدم، واضطراب المعدة، والغثيان، والصداع، وهو ما تعاني منه علياء الخميسي، طالبة السنة الثالثة في الاقتصاد والتي تقول إنها تفضل المذاكرة ليلا مما يجعلها تشرب الكثير من القهوة ومشروبات الطاقة وهو ما يجعلها تشعر بتسارع نبضات قلبها و ارتجاف يديها أثناء الكتابة.

يعد  ضعف جهاز المناعة من الآثار الجانبية الأخرى لقلة النوم. حيث يُنتج جهاز المناعة في الجسم أجسامًا مضادة طوال الليل لمحاربة البكتيريا والفيروسات، لكن الحرمان من النوم يمنعه من تكوين هذه الأجسام المضادة وحماية الجسم إذ كشف موقع “هيلث لاين” مؤخرًا أن الناس الذين لا ينامون بشكل كاف هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية.

لكن كيف يمكن للطلاب الاستفادة من وقتهم بشكل جيد والابتعاد عن هذه السلوكيات الضارة؟

تتلخص النصائح التي يقدمها مسؤول رعاية الطلاب بالجامعة الأمريكية في التالي:

أولًا، التخطيط، وتقسيم المهام إلى مهام أصغر لتشعر بالإنجاز، لأن التركيز على مهمة واحدة كبيرة سيثقل كاهلك. ثانيًا، توفير بيئة دراسية جيدة وهادئة. ثالثًا، الاعتناء بنفسك، أي الحصول على قسط كافٍ من النوم، وتناول طعام صحي، وممارسة بعض التمارين الرياضية. فالنشاط البدني يُحدث فرقًا كبيرًا في الدماغ وفي المواد الكيميائية التي يُفرزها الجسم.

نعلم أن المذاكرة والاجتهاد ومحاولة النجاح والتفوق شيئ مطلوب ومفيد، لكن يجب ألا يكون ذلك على حساب صحة الطلاب النفسية والجسدية لأنهم سوف يدخلون في دائرة من الإرهاق المستمر.

كما أشار جوروساك خالسا، أستاذ علم النفس ومدير مركز تدريب الإرشاد: “الخطوة الأولى لكسر دائرة الإرهاق هي الاعتراف بالحاجة إلى الدعم وطلب المساعدة.”