رائدة الفن المصري المعاصر… جاذبية سري
تقرير: فرحة السروجي
تحرير: غادة رمضان
تصوير: حبيبة عبيد
افتتحت الجامعة الأمريكية بالقاهرة، بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية، معرض أعمال الفنانة الراحلة جاذبية سري، يوم الأحد ٢٣ أكتوبر في مجمع الفنون بقصر عائشة فهمي بالزمالك، وذلك بحضور وزيرة الثقافة المصرية نيفين الكيلاني، ورئيس الجامعة أحمد دلال.
يتضمن المعرض أكثر من تسعين لوحة فنية من مجموعات مختلفة، والتي تعتبر أهم الأعمال التي انتجتها خلال سبعين عامًا من حياتها الفنية.
تحظى أعمال سري الفنية بإعجاب كبير على المستوى المحلي والدولي؛ إذ أقيم ٦٨ معرضًا فرديًا لها وعُرضت أعمالها في مصر والشرق الأوسط وأمريكا الشمالية وأوروبا، كما تعرض عدة متاحف في جميع أنحاء العالم أعمالها مثل معهد العالم العربي في باريس، والمتحف الوطني للمرأة في واشنطن، ومتحف الفن المعاصر بمدينة نيويورك.
كان من بين الحاضرين الدكتورة نجلاء سمير، رئيسة قسم التصميم الجرافيكي بالجامعة الأمريكية، والتي شاركت القافلة بعض التفاصيل عن المعرض.
قالت سمير أن فكرة المعرض ترجع إلى مجيد عزمي، مدير مركز ومتاحف الشونة للفنون، حيث اقترح إقامة معرض تذكاري بمناسبة الذكرى الأولى لوفاة سري خلال اجتماع اللجنة الفنية بالجامعة.
أوضحت سمير: “تواصل عزمي معنا لأن الجامعة تعتبر ثاني أكبر جامع لأعمال سري بعد وزارة الثقافة، حينها اقترحت التواصل مع الوزارة على أمل التعاون لإقامة معرض تذكاري لهذه المناسبة”.
تابعت سمير أن الجامعة لم تنظم الحدث على أراضيها حيث كان لها رؤية أكبر وهي مشاركة المجموعة الغنية التي تمتلكها الجامعة مع جمهور ثقافي أكبر، ومن ضمن تلك المجموعة جدارية عرضها عشرة أمتار تبرعت بها سري للجامعة في منتصف السبعينيات.
أضافت سمير: “كانت سري واحدة من أشهر الفنانات اللواتي لعبن دورًا محوريًا في المشهد الفني الحديث والمعاصر منذ الخمسينيات، فقد مر عملها بالعديد من التحولات وهو يُظهر إحساسًا عاليًا بالانتماء إلى المجتمع وتجربة غنية وعالمية؛ حيث كانت سري متمردةً بطبيعتها، وانعكس ذلك على موضوعات أعمالها الفنية وتعبيراتها”.
تواصلت سمير مع الدكتور خالد سرور، رئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة، الذي كان داعمًا للفكرة، وكان متفقًا مع الرؤية لعقد المعرض في واحد من أبرز مراكز للفنون، قصر عائشة فهمي.
نسقت سمير مع الفنان إيهاب اللبان، مدير مركز الفنون بقصر عائشة فهمي، وعملوا مع فرق من الجامعة والوزارة لتطوير الرؤية.
قال اللبان أن مجمع الفنون يهتم بكيفية تقديم الفنان، لأن مصر تمتلك قطاعًا عريضًا ومهمًا من الفنانين المثقفين، فيجب أن يكون هناك جودة في تقديمهم وهذا ما يسعى له مجمع الفنون.
تابع اللبان أن فكرة المعرض مكررة سلفًا حيث يجب أن يُكرَم الفنانون ذوو القيمة والشهرة الواسعة في الحركة التشكيلية المصرية.
قال اللبان: “جاذبية سري فنانة يجتمع عليها كل الفنانين التشكيليين، فهي طورت وتطورت إلى حد كبير؛ فقد عبرت عن مشاكل الحياة الاجتماعية المصرية وعن هموم وآلام الشعب المصري في وقت نكسة ١٩٦٧ وعن أفراح المصريين بعد فوز مصر في حرب أكتوبر ١٩٧٣، وهي فنانة قادرة على التفاعل مع الحياة المصرية حيث أن كثيرًا من لوحاتها تناقش فكرة التزاحم والتلاصق وحميمية الناس في الحارات والشوارع المصرية، كما إنني من المعجبين شخصيًا بأعمالها وهذا يظهر في طريقة إنتاجي لهذا المعرض الذي حاولنا أن نقدمه بقيمة تعكس قيمة هذه الفنانة”.
شارك اللبان أن فترة التجهيز التي تبدأ من مرحلة التفكير في المعرض، تمت في أربعة أشهر، أما الإخراج استغرق شهرًا واحدًا فقط؛ لأن الجهد المبذول في إنتاج هذا المعرض كان كبيرًا للغاية.
أوضح اللبان أيضًا أن الإنتاج هو آخر مرحلة قبل المعرض، حيث يتم تجميع الأعمال الفنية وتوثيقها وتصويرها وعمل دراسات نقدية عليها لتُضَم للكتالوج فيما بعد، أما المعرض نفسه استغرق تنفيذه حوالي ثلاثة أسابيع فقط؛ وذلك لأن مجمع الفنون متخصص في إنتاج العروض.
صرح اللبان: “لم يكن هناك أي تحديات ولكننا قمنا بمجهودات إضافية عن المعتاد، فكان يجب أن نسهر ونتعب أكثر لفترة لكي يخرج المعرض كما يجب وكما عهدنا، وذلك مجهود فريق عمل مجمع الفنون، الذي يتخصص ويتقن العمل ويساعدني في إنتاج كل ما أطلب، حقًا بذل الفريق جهدًا كبيرًا لكي يخرج العمل بهذه الجودة”.
اختتم اللبان بأن الفنون قادرة على تغيير عواطف الناس ورؤيتهم للحياة حولهم، فكل شيء في العالم هو نتاج فني، سواء المباني المحيطة أو الملابس وغيرها.
قالت وفاء محمد، إحدى زوار المعرض والتي تعمل في المبيعات والاتصالات، أنها تحب الفن، لهذا تحاول زيارة أكبر عدد ممكن من المعارض خلال وقت فراغها من العمل.
أوضحت أيضًا أن قصر عائشة فهمي له مكانة خاصة بالنسبة لها، لأنه من أوائل الأماكن التي خرجت فيها مع زوجها أثناء فترة خطبتهما.
أحبت محمد أعمال جاذبية سري، لأنها ركزت على التفاصيل واستمتعت بأن أعمالها تجسد الثقافة المصرية بدلًا من المفاهيم الغربية.
شاركت ضحى سعيد، الطالبة بقسم فنون الاتصال والإعلام بالجامعة، تجربتها عندما ذهبت إلى المعرض للعمل على مشروع خاص بأحد المواد الدراسية، وقالت أن عمل سري ليس مذهلًا فقط، ولكن أيضًا مهم للغاية؛ لأنها اهتمت كثيرًا بالثقافة المصرية ودور المرأة في المجتمع.
أوضحت سعيد: ” كانت التجربة ممتعة حقًا، لقد أحببت كل الأعمال التي ضمها المعرض، ولكن اللوحات التي تحتوي على نساء لفتت انتباهي أكثر؛ لأنها ضمت نساءًا مثل أمهاتنا أو أخواتنا أو صديقاتنا، وعندما نظرت إلى اللوحات رأيت الحرية والقبول والحب، كانت التجربة بأكملها ملهمة للغاية”.
الجدير بالذكر أن معرض الفنانة جاذبية سري يمتد حتى ٢٣ ديسمبر يوميًا من الساعة التاسعة صباحًا حتى التاسعة مساءًا، عدا أيام السبت.