هيا لنزرع إحدى وثلاثين شجرة
غادة رمضان
قد يستوقفك عنوان هذا المقال وأنت مارٌّ بصفحات الصحيفة لتتساءل مستعجبًا أو مستغربًا أو حتى مندهشًا، لماذا نزرع إحدى وثلاثين شجرة فقط؟ ألا يمكننا أن نزرع أكثر من هذا؟ دعني قارئي العزيز أجِب عليك إجابة بسيطة وواضحة.
إن عنوان إحدى قصص الكاتبة سلوى بكر هو إحدى وثلاثون شجرة خضراء جميلة، ومن هذا العنوان اقتبستُ عنوان مقالي هذا، فقد تسنى لي للمرة الأولى قراءة عملٍ من أعمال الكاتبة عندما تطوعت كمدرسة مساعدة ببرنامج مركز دراسة العربية بالخارج (كاسا) بالحرم الجامعي في الصيف.
يدرس طلاب كاسا اللغة العربية وثقافتها بعد مجيئهم من مختلف أرجاء العالم، ويدرسون في البرنامج مختلف النصوص والتجارب الثقافية، ومن بين هذه التجارب كان لقاء الطلاب مع الكاتبة سلوى يناقشونها حول قصتها.
أثناء المناقشة كانت الكاتبة تتحدث عن شكل القاهرة قديمًا التي امتلأت بالأشجار، ومع غياب هذه الأشجار اختنقت القاهرة بالتلوث بكل أنواعه.
تتجول في الشوارع فيقابلك التلوث الهوائي الذي يسد الرئة، ويصدمك التلوث البصري الذي يسد النفس! وأثناء الحديث تطرقت الكاتبة إلى أن زراعة الأشجار ليست ترفًا نكمل به حياتنا بل ضرورة ننقذ بها أنفسنا؛ حيث أشارت إلى الكوارث الطبيعية التي تحف العالم من حولنا، فنجد أن البلاد الحارة تعاني من الصقيع، وأن البلاد الباردة تعاني من الجفاف بسبب الحرارة العالية!
أتذكر حديثها ونحن في أعقاب أكبر المؤتمرات العالمية وأهمها على الإطلاق، ألا وهو مؤتمر تغير المناخ COP 27 المقام بشرم الشيخ؛ حيث يجتمع قادة العالم من كل الأنحاء والأرجاء في هذا المؤتمر الذي يحمل شعار “معًا من أجل كوكبنا” محاولًا أن يطرح حلولًا لمصائب ارتكبها الإنسان بكلتا يديه عبر سنوات عمره المحدودة على الأرض ذات العمر الطويل، وما جعلني أتذكر حديثها هو أن حلول أكبر المصائب يكمن في فعل أبسط الأشياء وأسهلها.
أحيانًا كل ما يتطلبه الأمر هو غرس بتلة صغيرة لتصبح شجرة كبيرة، راعيًّا إياها بالسقاية وبعض الاهتمام، فعلى الرغم من قلة الجهود التي تتطلبها هذه الشجرة لزراعتها، إلا أنها تعمل على تخفيف الحرارة، وتنقية الهواء.
ناهيك عن أنها بهذا تحافظ على صحة الإنسان؛ إذ تقلل نسب التلوث وتمنع التصحر، ولذلك كان طبيعيًّا أن نجد مبادرة زراعة مليون شجرة حلًا من الحكومة لمواجهة الكوراث الناتجة من التغير المناخي، كما أنه بديهي أن تتعالى الأصوات التي تُنادي بتشجير أسطح العمارات والمباني المختلفة التي تعج قاهرتنا بها؛ لأنه ببساطة إذا انتشر الأخضر انحسر الأصفر، فهيا لنزرع إحدى وثلاثين شجرة خضراء جميلة.