المرأة في الدين الإسلامي – معتقدات وحقائق
تقرير: ليلة عبد اللطيف
@leilayasser101
عندما نتأمل في الكيان المجتمعي المصري٬ لا يمكننا تجاهل دور المرأة أو التقليل من شأنه، فهي نصف المجتمع وتلعب دور كبير وفعّال في بنائه. لكن غالبًا ما نخلط بين توقعات المجتمع تجاه المرأة ونُلبسها في ردِاء الدين وقواعده، وخاصةً في المجتمعات العربية الإسلامية حيث يساهم الدين بشكل كبير في تشكيل المجتمع وقوانينه. وهنا نقع في فخ مزج الدين—الذي يهدف بشكل كبير إلى الرفع من ِشأن المرأة—بالعادات والتقاليد التي في بعض الأحيان تحسر المرأة في دور الضحية.
لذلك قبل إصدار أي حكم له علاقة بوضع المرأة في المجتمع من وجهة نظر دينية علينا التحقق جيدًا والفصل بين المفاهيم المجتمعية والآراء الدينية المبنية على الكتب السماوية.
ومن خلال قراءة التاريخ٬ نجد أن المرأة كان لها دورًا رئيسيًا خاصةً في انتشار الدين الإسلامي وبدايته فكانت أول من آمن بدعوة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام هي السيدة خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها. وكانت امرأة تعمل في التجارة وهي أول من تزوج النبي محمد عليه الصلاة والسلام وكانت تكبره بحوالي خمسة عشر عام. ونجد مثال آخر من أمهات المؤمنين، السيدة عائشة رضي الله عنها والتي كانت من رواة الحديث الشريف فقد روَت عنها حوالي ۲۲۱۰ أحاديث.
لم يُقتصر دور المرأة فقط على أمهات المؤمنين؛ففي صحابة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم نجد أسماء بنت أبي بكر الصدَيق رضي الله عنه, صديق النبي ورفيقه في الهجرة النبوية الشريفة. كانت تقوم أسماء رضي الله عنها بنقل الأكل للرسول صلى الله عليه وسلم أثناء اختبائه من قريش في غار ثور في ظل الهجرة إلى المدينة المنورة. وبهذا الفعل الشجاع٬ عرضت أسماء بنت أبي بكر نفسها للخطر من أجل نصرة الإسلام.
وفي شجاعة المرأة المسلمة لنا أمثال عديدة؛ الصحابية والشاعرة الخنساء والتي استشهد كل أولادها في سبيل نصرة الإسلام٬ فقد ضحت بأغلى ما تملك في سبيل إعلاء رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم. وفي عهد الخليفة الراشد عثمان ابن عفان حاربت خولة بنت الأزور في الفتح الإسلامي في الشام وساهمت في بطولات عديدة. لذلك يمكننا أن نقول أن واحدة من أهم صفات المرأة المسلمة هي الشجاعة قلباً وقالبأً ومشاركتها لا تقل أي أهمية مقارنة بالرجال.
وفي حوار مع القافلة، قالت إليزابيث كنيدي أستاذة في قسم الدين المقارن «الدين الإسلامي يتمحور حول تحقيق المساواة بين الناس؛ يقول القرآن الكريم (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، الفرق الوحيد بين الناس يعتمد على الأعمال وفعل الخير».
وأضافت كنيدي أن الإسلام يضع قواعد للمجتمع معتمدة على المساواة كمبدأ أساسي، مع أخذ الفرق بين الرجل والمرأة في عين الاعتبار. على سبيل المثال، وضحت كنيدي أن الدين الإسلامي يسلط الضوء على أهمية دور المرأة كأم ، فهي تلعب دور قوي في بناء أفراد المجتمع من خلال التربية الصحيحة مشتركةً مع الأب في هذه المهمة. وأضافت أن وحدة الأسرة تعتبر من أهم الأركان في تنظيم المجتمع على الطريقة الإسلامية؛ ولذلك يمكننا أن نقول أن الإسلام يضع المرأة في دور مركزي.
قالت كنيدي للقافلة موضحةً نقطة الشد والجذب بين الدين والمجتمع «الكتب السماوية في الأصل تعطينا قواعد ومفاهيم لتنظيم الحياة اليومية؛ كيف نتعامل مع بعضنا البعض، كيف نرتدي ملابسنا، ماذا نأكل، وهكذا». وعلى الرغم وجود بعض الجدل حول بعض القواعد إلا أن كينيدي أضافت أن كل الكتب السماوية قد أُنزلت في فترات زمنية معينة، ولذلك هناك دائمًا مساحة كبيرة لتجديد الخطاب الديني ليتأقلم أكثر مع احتياجات المجتمع الحالية.
أشارت كينيدي أن الإسلام كرم المرأة وجعل لها حقوق لم تكن موجودة من قبل ضمن عادات وتقاليد المجتمع. ونرى في هذا المثال أن الدين قد يُستخدم كوسيلة لتجديد المجتمع وقواعده، على عكس ما يعتقده الكثير من الناس.
علاوة على ذلك، قالت كينيدي للقافلة «أعتقد أن الناس ربطوا الدين بالنظام الأبوي عن طريق الخطأ وذلك بسبب أن معظم المعلومات الدينية—الأحاديث النبوية على سبيل المثال — «كانت تنقل في معظم الوقت عن طريق الرجال، مما قلل من دور النساء في تشكيل الخطاب الديني وعلاقته بالمجتمع».
وهنا علينا تسليط الضوء على الحركة النسوية الإسلامية والتي وصفتها كنيدي بمجموعة من العالمات المسلمات اللاتي يعملن على فهم وتدريس الدين الإسلامي بوجهة نظر داعمة للمرأة ودورها في المجتمع. يُسمى هذا القطاع من الحركة النسوية الإسلامية ب «جماعة مسلمة»، ولكن أضافت كنيدي أن معظم عضوات هذه الجماعة يعشن بالخارج وليس بالوطن العربي.
تحدثت القافلة أيضًا مع مايكل رايمر أستاذ بقسم التاريخ بالجامعة الذي يرى «النسوية الإسلامية مازالت موجودة في المجتمع العربي ولكن يمكنني أن أقول، بشكل أقل». ووضح رايمر أن هذا الشكل من النسوية يتمثل في طريقتين؛ الأولى هي التركيز على إعلاء الإسلام والسُنّة دور المرأة وتكريمها، والأُخرى تكون بتسليط الضوء على القيود التي يضعها المجتمع على المرأة بإظهار بعض المفاهيم المجتمعية الخاطئة وكأنها تأتي من الدين.
وسلط رايمر الضوء على شخصية مهمة للنساء في المجتمع النسوي خاصةً في مصر—ملك حفني ناصف—والتي تُدعى باحثة البادية. ناصف حاربت من أجل تعليم المرأة وإيجاد فرص لها من خلال الكفاح ضد القيود التي يضعها المجتمع على المرأة والتي تأتي في الأصل من العادات والتقاليد الخاطئة والذكورية، لا من الدين.
وعلى نفس المنوال، وضَحت حنان خلوصي أستاذة في قسم التاريخ أن مناقشات النسوَية في الإسلام في أغلب الوقت تكون باللغة الإنجليزية؛ وذلك لتسهيل التواصل بين البلدان المختلفة التي تشارك في هذه الحركة. وأضافت خلوصي أن علينا التفرقة بين النسوَية والتحريض على كراهية النساء. أعربت خلوصي وقالت «يمكنني أن أقول أن كل الأديان السماوية ليست نسوَية في حد ذاتها، ولكنها ليست كارهة للمرأة؛ الدين الإسلامي كلف الرجال بالعمل على راحة المرأة وتلبية احتياجاتها وهنا نجد نظام أبوي بعض الشىْ ولكن ليس قامع للمرأة».