كفاح وتحديات النساء في سوق العمل
تقرير: فرح عباس
itsfarahabbas@
تشكل النساء نسبةً عاليةً من القطاع غير الرسمي من القوة العاملة، مثل البائعات في الشارع أو العاملات في المنازل٬ فإنها أعمال لا تندرج تحت الإطار الضريبىي والتأميني للدولة. وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة تلك النساء لا يحصلن على كثير من الامتيازات على سبيل المثال، حماية قانون العمل أو المزايا الاجتماعية مثل المعاش التقاعدي أو التأمين الصحي أو الإجازة المرضية مدفوعة الأجر. ولكنهم يعملن بشكل روتيني مقابل أجور منخفضة وفي ظروف غير آمنة.
وفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي، عادةً ما تكون أرصدة النساء في سن التقاعد أقل بنسبة ٣٠ إلى ٤٠ بالمئة من الرجال في جميع أنحاء العالم نتيجةً. لذلك، فإن المزيد من النساء المسنات يعشن الآن في فقر حتى في الدول ذات الاقتصاد المتقدم.
قالت وزيرة التعاون الدولي المصرية رانيا المشاط—خلال كلمة ألقتها في إطار الجلسة الوزارية لمبادرة تمويل رائدات الأعمال (We-Fi) في المنتدى العالمي للمرأة يوم ١٩ فبراير—أن النساء هن المعيلات الرئيسيات لـ ١٤بالمئة من الأسر المصرية.
كثير من سيدات القطاع غير الرسمي غير مقتدرات٬ أميات يفتقرن الخبرة في العمل الرسمي، ويُجبرن على العمل في الاقتصاد غير الرسمي. وبالتالي يؤدين وظائف منخفضة الأجر بدون تأمين أو معاش تقاعدي.
فاطمة عبد الفتاح—عمرها ٦٤ عام ولديها أسرة مكونة من ثمانية أفراد—تغادر منزلها الساعة السادسة صباحًا متوجهة إلى وسط المدينة. تجلس على الرصيف على منصة في قلب القاهرة، وتبيع البيض والباذنجان والجبن القريش للمارة، لكنها غالبًا ما تعود بدون بيع أي شيء.
قالت عبد الفتاح، «كانت الأمور صعبة قبل التضخم الاقتصادي أيضًا، لكن القليل الذي كنا نملكه كان كافيًاً للعيش. ولكن الآن ليس لدينا شيء، أصبحت الحياة لا تطاق».
بينما تضطر العديد من المصريات إلى العمل بسبب وفاة أزواجهن أو الطلاق أو التخلي عنهن، فإن أخريات مثل عبد الفتاح يعيلن أسرهن لأن معاش أزواجهن صغير أو عمله غير منتظم أو غير مستقر.
قالت منى عزت من مؤسسة المرأة الجديدة—وهي منظمة مصرية غير حكومية ذات توجه نسوي تهدف للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء في المجال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي— بينما تقدر البيانات الرسمية أن ١٦بالمائة من المعيلات في مصر من النساء، فإن مصادر مستقلة قدرت الرقم بنسبة ٣٠ بالمائة.
وقالت : «لأن غالبية هؤلاء النساء غير مقتدرات وبالتالي هن في الغالب أميات وليس لديهن مهارات أو خبرة، يلجأن إلى الاقتصاد غير الرسمي وتنظيف المنازل والبيع في الشوارع وما إلى ذلك».
وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تعمل حوالي ٣٥ بالمائة من المعيلات في القطاع غير الرسمي للاقتصاد. من الأمثلة الواضحة للوظائف في القطاع غير الرسمي التي تهيمن عليها الإناث هي تنظيف المنازل. في المدن المصرية، غالبًا ما تقوم الأسر الميسورة الحال بتوظيف مدبرات منزل والذي يعد وسيلة لتوفير العمل للنساء اللاتي يفتقرن الفرص للحصول على دخل ثابت.
قد يكون هذا النوع من العمل لديه بعض المزايا مثل إمكانية عمل المرأة في عدة أماكن مما قد يزيد من دخلها. ومع ذلك، فإن الوظائف في القطاع غير الرسمي خارج منظومة التأمين وضمان حقوق العمل.
هناك أيضًا بعض الصعوبات التي تتعلق بأولئك الذين يرغبون في تحويل مسار عملهم من القطاع غير الرسمي إلى القطاع الرسمي. على سبيل المثال، فإن المرأة التي تعمل كمدبرة منزل وترغب مثلًا في العمل كحارسة عقار في مبنى إداري ستواجه منافسة من الرجال.
في حين أن التنافس على الوظائف ليس أمرًا سلبيًا بطبيعته، أظهرت الإحصائيات أن مسئولي التوظيف في مصر أحيانًا يميلون إلى الفكر التقليدي عندما يتعلق الأمر بالموظفات. في دراسة نشرها البنك الدولي عام ٢٠١٠ عندما سُئل مسؤولي التوظيف عن مساوئ توظيف النساء، أشار حوالي ٤٠بالمائة إلى الالتزام بالواجبات المنزلية والزواج، بينما أشار٣٤ بالمائة إلى المسؤوليات الأسرية.
ناقش التقرير أيضًا سبل التغلب على هذه الصعاب وأجاب٤٠ بالمائة من عينة البحث بعدم وجود أي حلول متاحة، بينما كان البعض الآخر أكثر تفاؤلاً حيث اقترح٢٣ بالمائة بإمكانية تطبيق ساعات عمل أكثر مرونة، كما قال ٣١بالمائة أن خدمات دور الحضانة ستساعد في التغلب على مختلف العقبات. وهذا يدل على أن نسبة كبيرة من المجتمع المصري تؤمن بأن الواجبات المنزلية ورعاية الأطفال هي مسؤولية الأم فقط، وعلى هذا النحو يسود الاعتقاد أن الموظفات من النساء لن يرغبن في قضاء نفس عدد الساعات التي يقضيها نظرائهم من الرجال، أخذًا في الاعتبار الفترات الزمنية التي ستتوقف فيها الموظفات بسبب الإنجاب.
قالت أميرة أحمد أستاذة علم الاجتماع في الجامعة الأميركية في القاهرة «مع الاستمرار في التمييز الجندرية، يضع المجتمع صورًا معينة من المتوقع أن يتبعها الرجال والنساء. على سبيل المثال، يُتوقع عادةً من الرجال أن يكونوا أقوياء ونشطاء في حياتهم بينما يُتوقع من النساء أن يقومن بالرعاية والدعم».
وأضافت من ناحية أخرى أن مجتمعنا لا يقدر عمل المرأة مدفوع الأجر خارج المنزل مثل دورها الرئيسي في الأنشطة الإنجابية.
قالت أحمد «في الوقت نفسه، إذا كانت المرأة يمكن أن تكون زوجة وأم صالحة، ولديها أيضًا وظيفة مدفوعة الأجر كطبيبة أو معلمة، فسيتم قبول ذلك بشرط أن تهتم بدورها في المنزل أولاً، وإذا كان هناك صعوبة في التوازن لأي سبب من الأسباب، يجب عليها إعطاء الأولوية لدورها في المنزل».
ويتجلى اعتماد المرأة على القطاع العام في حقيقة أن واحدة من كل امرأتين تعيشان في الحضر تعمل في القطاع العام، بينما يعمل رجل واحد فقط من بين كل خمسة رجال في المناطق الحضرية في نفس القطاع.
على الرغم من أن عدد الأسر التي تعيلها نساء في تزايد٬ إلا أن نسبة النساء المصريات ما زالت منخفضة عن الرجال في قوة العاملة. وفقًا للاقتصاد العالمي، شارك حوالي ٢٢ بالمائة فقط من النساء في القوى العاملة في عام ،٢٠١٩ وهذا الرقم يتضاءل أمام نسبة الرجال المصريين الذين يشاركون في القوى العاملة، والتي بلغت في عام ٢٠١٩ حوالي ٧١بالمائة.
أحد المفاتيح التي يمكن استخدامها لسد هذه الفجوة هو خلق المزيد من الفرص للفتيات والنساء في التعليم. يجب أن تنخفض نسبة الأمية بين الإناث، حيث أفاد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مؤخرًا أن حوالي٣١ بالمائة من النساء المصريات أميات، مقابل ١٢في المائة من الرجال المصريين. الجدير بالذكر أن هناك تقدم فيما يتعلق بزيادة مشاركة الإناث في التعليم.
وفقًا لإحصائية، تمت عام ،١٩٩٦ كانت حوالي ٦٧ بالمائة فقط من الفتيات متعلمات، ولكن في عام ٢٠١٣ ارتفع هذا العدد إلى ٣،٩٠ بالمائة. علاوة على ذلك، فإن عدد الفتيات اللاتي يتركن المدرسة الابتدائية أقل، حيث أظهرت الدراسات الحديثة أن عدد الفتيات الملتحقات بالمدارس الابتدائية يفوق عدد الفتيان، وأن الشابات يلتحقن بالجامعة أكثر من الشبان. في حين أن هناك المزيد مما يتعين القيام به، يبدو أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح من حيث أعداد المتعلمات. ومع ذلك، لا يزال الطريق طويل وشاق لمعالجة التحيزات ضد المرأة في مكان العمل والتمييز الذي تضطر النساء لمواجهته من قِبل أصحاب العمل وكذلك أصحاب العمل المحتملين.