النساء والمساواة السياسية
أية أسامة الصياد
AyaElsayad20@
شهد شهر مارس لعام٢٠٢٢ تعيين قضاة إناث في مجلس الدولة لأول مرة في تاريخ مصر٬ حيث تم تعيين ٩٨ قاضية في المجلس والنيابة العامة عقب قرار جمهوري.
تأسس «مجلس الدولة» في مصر عام ،١٩٤٦ وهو منصة قضائية مستقلة منوط بها حل المنازعات الإدارية.
على الرغم من تكليف النساء ببعض المناصب القضائية٬ إلا أنه كان دائماً يقتصر تعيين القضاة على الرجال فقط. ظل الحال علي ما هو عليه حتي اٌصدر رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي٬ قرارًا في شهر أكتوبر ٢٠٢١ بتعيين قضاة إناث في المجلس الأعلى للقضاء ومجلس الدولة.
ظلت النساء تطالب بحقها القانوني في تولي المناصب القضائية حيث لم يكن مسموح لهن بالتعيين حتى في النيابة العامة.
كان منصب القاضي دائمًا حكر على الرجال وفي عام ١٩٥٢، أصدرت المحكمة قراراً بمنع النساء من التعيين في القضاء لأنه ضد تقاليد المجتمع المصري.
قالت رئيسة النيابة، نسرين مصطفى، «في الماضي لم يكن من حق المرأة أن تشغل وظيفة القاضية، حيث كانت أول مبادرة لتولي المرأة للعمل بالقضاء منذ ١٠ سنوات تقريبًا. والان أول مرة يتم جلوس المرأة على منصة القضاء. كانت أيضًا أول مرة في عصر الرئيس السيسي أن يحث رئيس مصري على منح المرأة حقها في العمل بالقضاء».
أضافت مصطفى أن المرأة المصرية أثبتت نجاحها في مجالات مختلفة بالسياسة».
وقد أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرار لتعيين القاضيات يوم ٨ مارس الذي يصادف يوم المرأة العالمي كنوع من تشجيع تمكين المرأة وأهمية وجودها كعضو مؤثر في المجتمع المصري في شتى التخصصات.
عبر الرئيس في بيان رسمي صُدر عن رئاسة الجمهورية، عن تقديره للمرأة في المجتمع المصري حيث أنها هي مصدر العطاء، والخير، والحكمة والمبادئ.
صرح رئيس مجلس الدولة، محمد حسام الدين، خلال مؤتمر تليفزيوني٬ أن القاضيات خضعن لدورات تدريبية مكثفة حتى يعززن المهارات القضائية وكل المعلومات المتعلقة بمكافحة الفساد قبل تعيينهم.
أوضح أيضًا، رئيس مجلس الدولة، حسام الدين، له أنه قام بمتابعتهن للتأكد من تحري الدقة في القضايا الموكلة إليهن ودراستها وإعداد التقارير القانونية اللازمة، بعد أن قام المجلس بتهيئة البيئة المناسبة للقاضيات في العمل.
كما تم وضع بعض المعايير لاختيار المرشحات للمنصب، ومن هذه المتطلبات: الحصول على درجة امتياز أو جيد جدًا في بكالوريوس القانون، والحصول على شهادتي الدراسات العليا في القانون العام والقانون الإداري، بالإضافة إلى سجل خالي من العقوبات أو الملاحظات، وأخيراً، تلبية كافة المطالب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة بعد النجاح في مقابلة اللجنة المختصة.
ولكي تستعد النساء المكلفات بدور القاضيات للمنصب، قاموا بحضور جلسات التحضير للقضايا واستيفاء المستندات اللازمة للفصل والتحضير للمرافعة.
لم يكن هذا التغيير الوحيد الذي شهدته المرأة المصرية. على سبيل المثال شغلت المستشارة رضوي حلمي، وهي قاضية من ضمن ال٩٨ التي تم تعيينهن في المجلس، مقعدًا في مجلس الدولة٬ كما تم تعيين حلمي بدرجة مستشار مساعد لتكون أول امرأة تحصل على هذا اللقب في مصر.
أعربت النائبة شيرين عليش، عضو مجلس النواب المصري، خلال تصريح لصحف محلية أنها تعتبر هذا القرار من أهم القرارات في تاريخ المرأة المصرية ولاسيما أن هناك أيضًا زيادة في نسبة تمثيل النساء في مجلسي النواب والشيوخ مما عزز المساواة بين المرأة والرجل في مصر وقد وصفتها عليش « العصر الذهبي للمرأة المصرية».
رغم وجود الكثير من المناصرين للقرار، سخر البعض من القرار على وسائل التواصل الاجتماعي. فأعرب بعض الرجال أن النساء غير قادرات على هذا العمل لكونهنَ أكثر عاطفية مما قد يؤثر على قرارهن.
قالت فرح عوض الله، طالبة العلوم السياسية بالسنة الأخيرة أنه لا يوجد دليل على أن النساء يحكمن بعواطفهن في المحكمة ولكن حتى إذا كان هذا صحيحًا فتظن عوض الله أنه ربما تحتاج بعض الأحكام إلى ذلك.«كم من حاكم تقبل قتل الزوج لزوجته او ظلمها ولم يتعاطف مع المجني عليها، وكم من جرائم تحرش واغتصاب كانت تحتاج للتعاطف مع المجني عليها» أضافت عوض الله.
علي صعيد آخر، قال أحمد وجيه، طالب بكلية إدارة الأعمال بالسنة الأخيرة، أنه لا يعارض فكرة عمل المرأة بشتى المجلات ولكنه يتفهم اعتراض بعض الناس لكون النساء أكثر عاطفية.
أما البعض تناولوا الموضوع من ناحية العادات و التقاليد، معتقدين أن هذا العمل مخصص للرجال ودائمًا ما كان يعمل به الرجال فقط، ولا يقبل أن تتولى المرأة منصة حكم.
أعرب هشام وهبي، وهو أستاذ السياسة العامة والإدارة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ورئيس العلوم السياسية السابق في الجامعة البريطانية بمصر، للقافلة عن رأيه في التغييرات السياسية الجديدة للمرأة قائلاً «النساء يمثلن نصف المجتمع وبالتالي يجب أن يكون لهن دور مهم، العديد من البلدان النامية الأخرى قدمت بالفعل قاضيات بما فيها أفغانستان، في جميع أنحاء العالم لدينا قيادات نسائية كرئيسة للوزراء، ولدينا نساء مسؤولات عن الجيش والاقتصاد».
مما لا شك فيه أن خطوة تعيين القاضيات سوف تغير النظام السياسي في مصر لتضم نساء أكثر و تشجعهم على سلوك الطريق السياسي.
وتتطلع النساء للمزيد من القرارات المتعلقة بالمساواة السياسية والتي سوف تحدث المزيد من التغييرات وتشجع المزيد من النساء أن يسعين في طريق السياسة.