خطـاب جـون كيري عن التغير المناخي: الفرص والتحديات
تقرير: سوسـن علي
@SawsanHishamAli
الصورة: مكتب التسـويق والشـئون العامة، الجامعة األمريكية القاهرة
استضافت الجامعة الأمريكية بالقاهرة جون كيري يوم الاثنين الحادي والعشرين من فبراير في حرمها بميدان التحرير لمناقشة ما وصفه «بأهم محادثة في تاريخ البشرية» وهي أزمة التغير المناخي، وذلك على هامش استعداد مصر لاستضافة مؤتمر أطراف الأمم المتحدة لتغير المناخ «COP27» في نوڤمبر القادم. وأكد كيري عن أهمية الوفاء بالوعود المتعلقة بالتغير المناخي.
وضح كيري حجم مشكلة التغير المناخي وواجبنا تجاه الأرض؛ لذلك أكد على خطورة المشكلة وأهمية إيجاد حلول عملية لها قبل فوات الآوان.
قال كيري: «إنه لمن دواعي سروري التواجد هنا الآن، وذلك قبل ثمانية أشهر من استضافة مصر لمؤتمر المُناخ في شرم الشيخ. ومهمتنا هنا الآن واضحة، وهي مواكبة الوعود والتحديات التي تمليها تلك الأشهر. ويتحتم علينا جميعًا أن نبذل قصارى جهدنا لتحقيق ما تم الاتفاق عليه سابقًا في «COP 26» بجلاسكو».
أعرب كيري أننا نسمع في العديد من الأحيان عن الآثار التي قد تترتب على حل أزمة تغير المناخ. ولكن علينا أن نتجنب تلك الأصوات وأن ندرس النتائج البيئية المرتقبة اذا لم نتحرك.
الجدير بالذكر أن مستوى سطح البحر سيرتفع خلال ثلاثين سنة بالمقدار الذي كان مُتوقع أن يرتفع به خلال قرن كامل. ناهيك عن أن التلوث يتسبب بمقتل حوالي عشرة ملايين شخصًا سنويًا، بينما تقتل درجات الحرارة المرتفعة خمسة ملايين آخرين. فجبل «ثوايت» الجليدي الذي يحافظ على توازن غرب القطب الجليدي الجنوبي مهدد بالانهيار خلال خمسة سنوات.
أضاف كيري: «نحن نعلم أن الأنشطة البشرية هي التي سببت تلك المشكلة، ولكننا نؤكد أيضًا أنه من خلال الأنشطة البشرية نستطيع تغيير مسار الازمة».
أشار كيري إلى الأرقام الواردة في تقرير صدر عن اللجنة الدولية للتغيرات المناخية (IPCC) منذ أربع سنوات. يذكر التقرير أنه لابد من احتواء درجة الحرارة العالمية على مستوى درجة ونصف مئوية، تلك هي الحرارة اللازمة لتفادي أسوأ العواقب للأزمة المناخية.
عدم احتواء درجة الحرارة العالمية قد يؤدي إلى عدم القدرة على التنبؤ بوسيلة إنتاج المحاصيل الرئيسية مثل الذرة والقمح والأرز، بالإضافة إلى احتمالية فقدان العديد من الشعاب المرجانية ومصايد الأسماك الصغيرة. أما عند درجتين، فنحن نخاطر بفقدان معظم هذه المحاصيل الأساسية، إلى جانب النظام البيئي للمحيطات بأكمله؛ الأمر الذي سيؤدي في النهاية لحدوث مجاعات.
واستطرد كيري، «السؤال المطروح في هذه المرحلة ليس إذا كان بوسعنا أن نتجنب هذه الأزمة تمامًا. ولكن إذا كان بوسعنا أن نتجنب أسوأ العواقب.وهذا هو الخيار الوحيد الذي تركنا أنفسنا امامه بسبب المماطلة، والتضليل، والخوف، والتشوه، وحتى الأكاذيب».
الجدير بالذكر أننا نواجه حاليًا مستوى ارتفاع درجة الحرارة بنسبة ١.٢ درجة مئوية ومتجهين نحو مستوى ارتفاع ٢.٧ درجة.
قال كيري،»لقد عقدنا العزم بعد مؤتمر جلاسكو على تحقيق مخرجاته، وهي تثبيت ارتفاع درجات الحرارة العالمية عند ١.٥ درجة. ومقصدي هنا أننا أحرزنا تقدمًا كبيرًا؛ حيث أن الوكالة الدولية للطاقة قد أخبرتنا أنه إذا تم تنفيذ جميع الالتزامات الواردة في COP26 ، فإن ارتفاع درجة الحرارة في هذا الكوكب سوف يقتصر على ١.٨ درجة «.
وعلى الرغم من اعتراف كيريان هذا ليس حلًا قاطعًا، فإنه مقتنع بأننا نقترب بسرعة كبيرة إلى علامة ١.٥ درجة مقارنة بما كنا عليه في بداية عام ٢٠٢١.
قال كيري، «وذلك يبرهن لي -وآمل بالنسبة لكم- أنه إذا تمكنا من حشد بلدان أخرى في تلك المبادرة، سنستطيع الفوز بهذه المعركة».
تعهدت الأطراف السنة الماضية بجلاسكو بأن ٦٥٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي (GDP) سيتم تخصيصه لمواصلة الجهود لحصر ارتفاع درجات الحرارة إلى ١.٥ درجة مؤية عن طريق خفض انبعاثات غازات الدفيئة (greenhouse emissions) بنسبة ٤٥٪ على الأقل بحلول عام ٢٠٣٠، واستهداف التخلص من الانبعاثات نهائيًا بحلول عام ٢٠٥٠.
وأضاف٬ «تلك النسبة [٦٥٪] تمثل أكبر اقتصاديات العالم، لذا يجب علينا أن نحشد الجهود لضم بقية الاقتصاديات التي تمثل ٣٥٪».
النجاح الكبير الذي أعقب مؤتمر جلاسكو COP26 مشروط بالعديد من العوامل. ويشمل ما يقرب من ٢٠٠ دولة تعمل معًا لمكافحة تغير المناخ وتحوِّل
التزاماتها إلى أفعال حقيقية.
قال كيري، «لا يعتبر نجاح المؤتمر ضمانة على الإطلاق ولكنها الفرصة التي يجب علينا استغلالها والأمر متروك لنا للاستفادة من تلك الفرصة. يبدأ العمل من شرم الشيخ و الخطوات المتتالية وهي إمكانية تحويل كل احتمال الي واقع وتأكيد مفهوم المسئولية ومشاركة القطاع الخاص ايضا».
يؤمن كيري بضرورة الاستمرار في الالتزام بالجهود التي بُذلت بالفعل في جلاسجو من اجل الوصول الي الهدف الاساسي وهو الإبقاء على درجة حرارة العالم عند معدل ١.٥ درجة مئوية. ويعتقد كيري أنه يمكن تحقيق هذا بتبني معادلة بسيطة مكونة من كلمتين آلا وهي»Implementation plus».
وقد أعلن كيري، « وهي تعني الالتزام بالواجبات تجاه البيئة وإن كانت ليست قوية بالشكل الكافي والعمل على النهوض بها إن لم تكن ايضا قوية بالشكل الكافي٬ وخلق واجبات ومسئوليات جديدة من أجل النهوض بالبيئة وواجبنا الوطني تجاهه. وهذه هي لغة ال ٬ COP فكم المجهودات التي تتعهد كل دولة بأن تبذلها شيء في غاية الاهمية ويوضح إذا لدينا فرصة حقيقية لتحقيق أهدافنا أم لا.
علي الصعيد الدولي تأخذ دول مثل تشيلي وكندا خطوات للتصدي لتغير المناخ كما يوجد ابتكارات في كل من رواندا وتونس والمكسيك والهند للتصدي لهذا التحدي.
حتي الشركات الخاصة كأمازون وفولفو وبوينج وآبل وميرسك وفورد وجينيرال موتورز و آيربنب، على سبيل المثال لا الحصر، تتفاعل مع القضية بل وعلي مستوي الأفراد نجد أن بيل جيتس يتفاعل بجدية.
« ثورة التكنولوجيا النظيفة تعد ثروة حقيقية حيث يمكن لكل دولة أن تنتفع. فقد سجلت شركات تكنولوجيا المناخ رقمًا قياسيًا في عام ٢٠٢١ وتم تجميع ما يزيد على١٦٥ مليار دولار أمريكي وقياسًا على هذا فإننا نتكلم عن تريليونات الدولارات موجهة خصيصًا للتكنولوجيات التي تتراوح بين الهيدروجين الأخضر وسعة تخزين البطاريات والمحلل الكهربائي» .ولكن يجب أن تتضاعف الجهود .
وكما أعلن كيري، «الآن أنتم مستعدون لاستضافة الوفود والمساهمين وكل من هم معنيين بالأمر من كل مكان٬ وبدون أية مبالغة، فإنه تكملة لواحد من أهم الحوارات والمحادثات في تاريخ البشر».
هذا وقد سلط السفير الأمريكي في مصر، جوناثان ر. كوهين، الضوء علي انطلاق مجموعة عمل ثنائية معنية بالمناخ كأحدث ما ابتُكِر في العلاقات المصرية-الأمريكية. فقد تم إطلاق هذه المجموعة رسميًا في النفس اليوم الذي خَطَبَ فيه كيري في حرم الجامعة الأمريكية بالتحرير وهذا بعد أن تم اتخاذ القرار بشأن تلك المجموعة أثناء الحوار الاستراتيجي الذي تم في نوفمبر الماضي.
وأضاف كوهين أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تبخل بإعطاء دعم قوي لمصر لقيام الأخيرة علي الCOP27 بل و بإعطاء المساندة لسائر الدول التي تتخذ موقفاً جاداً تجاه التغير المناخي.
وعلاوة على ذلك فقد تكلم رئيس الجامعة، أحمد الدلّال عن الدور الذي تأمُل الجامعة فيه إيجاد حلول ابتكارية لذلك التحدي المُلِح.
«لقد قام علماؤنا وأخرين من أفراد مجتمع الجامعة بتأسيس مبادرة تغير المناخ بل وننوي أن نُكوِّن شراكة مع جامعات أخرى في مصر ومن حول العالم، فالجامعات لها دور مميز وخاص لإيجاد الحلول التي بدورها تساعد في تحقيق تلك الأهداف.