القدوة غير الحسنة
القدوة غير الحسنة
كتبت: إنجي أكرم
مديرة تحرير قسم اللغة العربية
مع اقتراب بداية العام الدراسي والاثارة التي صاحبته، بدأت الجامعة بتطعيم كل مَن مِن الممكن أن يخطو على أرضها٬ بالإضافة إلى التشديد على الإجراءات الاحترازية لنتمكن من البقاء داخل الحرم لأطول فترة ممكنة.
وكما كان المعتاد قبل الجائحة، أخذ اتحاد الطلبة في تنظيم برنامج السنة الأولى أو ما يعرف ب First Year Program. ذلك البرنامج الذي يستقبل الطلاب الجدد ويقوم بتوجيههم وإرشادهم عن نظام الجامعة.
لكن، وللأسف الشديد نسى القائمون على البرنامج اضافة نقطة هامة لأجندة البرنامج؛ وهو التصدي للجائحة. ومن هنا أخذت التطورات السلبية تتوالى. فطوال أيام البرنامج، أخذ الحاضرون يعلقون على عدم اتباع الإجراءات الاحترازية من ارتداء الكمامات، التباعد الاجتماعي وغيرهم من إجراءات تم تجاهلها تمامًا.
فالإتحاد يعتبر قدوة للعديد من الطلاب، وخاصًة الجدد منهم. ولكن للأسف تم اقناعهم بشكل غير مباشر بل وتم ترسيخ الفكرة في عقولهم بأن ارتداء الكمامات ليس أمرا مهما واتخاذ الإجراءات الاحترازية ليس ضروريا٬ علماً بأن النسبة الأكبر منهم دون السن القانوني لتلقي اللقاح وبالتالي أكثر عرضة للوباء.
فمنذ بداية الفصل الدراسي، وتشهد الجامعة عدد طائل من الطلبة الذين لا يرتدون الكمامات بشكل دوري. ففي ساعة التجمع، يتجمع الطلاب معًا وينتزع الجميع كماماته تحت شعار “ما احنا في مكان Open Air”، غير ملمين بحقيقة الأمر، وهو أن حتى في الأماكن المفتوحة يمكن انتقال العدوى إن لم يتم اتباع الإجراءات الاحترازية خاصة التباعد الاجتماعي.
فيصبح المشهد أشبه بالسيرك، وهو أكثر الأماكن مخيفًة بالنسبة لي. تتحول عيني لعدسة إلكترونية أرى من خلالها شكل كارتوني للفيروس يتحرك بين التجمعات، منتظرًا الفرصة لكي يُعدي أحدهم.
عدم اتخاذ الإجراءات الاحترازية يذكرني بالموجات الدائرية الناتجة من رمى حصى في جسم مائي، تزيد الموجات واحدًة تلو الأخرى نتيجة تأثير الأولى. وهذا ما حدث في رأيي الشخصي. فبدايًة باتحاد الطلبة وما يمثله من قدوة مؤثرة، أخذ واحدًا تلو الآخر يتساهل بالإجراءات، حتى وصلنا لعدد مصابين يفوق ال٨٠ مصاب منذ العودة للحرم الجامعي.
بل والجدير بالذكر أن اجتماعات مجموعات الاتحاد المختلفة والتي تحدث في الحرم الجامعي لا تأخذ في عين الاعتبار أهمية ارتداء الكمامات، الإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعي، مثلها مثل برنامج السنة الأولى. وكم من مرٍة مررت بمتجر الاتحاد ووجدت بعض الأعضاء لا يرتدون كمامات.
وبالتالي سرعان ما تحولت الجامعة لصحن بترى (Petri Dish) من المنتظر أن ينتهي بها الأمر بموجة خاصة بها؛ AUC Variant.
أما المفاجأة الكبرى؟ تنظيم الاتحاد لحفل من المتوقع أن يسير على نفس النهج. فيا ترى كم عدد المصابين بعد هذا الحفل؟ وكم عدد المخالطين؟ وأخاف أن أسأل إن كان الحفل سيتسبب في أول حالة حداد لهذا الفصل الدراسي. هل ستكون مقالتي القادمة بعنوان حفل الاتحاد يتحول لحفل تأبين؟
الرجوع للحرم الجامعي لم يكن مهمة سهلة، فنحن -كطلاب- نسينا الحياة قبل الجائحة. والآن مطلوب مننا جميعًا تذكر كيف كانت بل وأيضًا التكيف مع الوضع الجديد.
الأمر ليس بسهل، ولكن يستحق العناء. فهذا ما طلبناه جميعًا بالفعل! وماذا يتطلب منا؟ فقط الشعور بالمسؤولية تجاه بعضنا البعض.