اللغة العربية محليًّا وإقليميًا، دور محوري
تقرير: عبدالعزيز أبوالخير
الصورة: تصميم مريم أبو طالب لمشروع (أرشيف الأغنية الشعبية) لتوثيق الأغاني الشعبية في مصر مع توضيح أثر البيئة المحيطة، عن طريق التعبير البصري لكلمات الأغاني من خلال الخط العربي.
يعاني الكثير من جيل الطلاب العرب حاليًا من عدم التمكن من لغتهم الأم بسبب طغيان اللغة العامية واللغات الأجنبية الأخرى عليها مما قد يكون مضرًا لمشوارهم المهني في المستقبل، لذلك لزم التذكير بأهمية اللغة العربية.
أقام قسم الصحافة والإعلام بالجامعة الأمريكية بالتعاون مع قسم اللغة العربية ندوته الثانية تحت عنوان “أهمية اللغة العربية في وسائل الإعلام والصحافة الإقليمية” في الثاني عشر من شهر أبريل الجاري لمناقشة أهمية اللغة العربية بعد التخرج
استضافت الندوة رامي رضوان، خريج الجامعة الأمريكية لعام ٢٠٠٦ و المذيع بقناة دي إم سي و مقدم برنامج مساء دي إم سي وسيد ضيف الله، أستاذ مساعد الأدب العربي بقسم اللغة العربية بالجامعة ومريم البرنس، مديرة تحرير القسم العربي بجريدة القافلة. أدارت الجلسة رشا علام، أستاذ مساعد ونائب رئيس قسم الصحافة والإعلام.
قال رضوان: “أنا واحد من الناس الذين أصيبوا بالغيرة من الأجانب عندما كنت أسافر وألاحظ اعتزازهم بلغتهم الأم مع أنهم قادرون على التحدث باللغة الإنجليزية”.
شارك رضوان خلال الجلسة خبرته مع اللغة العربية بداية من عدم تمكنه منها بعد التخرج إلى أن أحكم قبضته عليها ببعض المجهود في القراءة مما ساعده كثيرًا في مشواره المهني.
يعترف رضوان أنه كان يرى اللغة العربية من اللغات الصعبة ولم يكن يحب النحو في صغره ولكن عندما تخطى مخاوفه من اللغة بعد التخرج وجد فيها الكثير من البلاغة.كما فوجئ عندما وجد أن توقعات الناس عن طلاب الجامعة الأمريكية أنهم يعانون من ضعف شديد في اللغة مما دفعه إلى الاجتهاد في تعلم اللغة العربية.
يؤكد رضوان أنه لم يكن ليتمكن من تقديم برنامج إقتصادي أو يشارك في منتدى شباب العالم لو لم يكن متمكنًا من لغته الأم. فقال في حديثه:”إتقان اللغة العربية مثل الأكسجين، حين يريد أحد أن يعمل بمجال الصحافة والإعلام فهو من العيب ألّا يتقن اللغة العربية”.
يرى رضوان أن عدم حسن صياغة الخبر باللغة العربية – وهو من الظواهر الشائعة – يقلل من قيمة الخبر.
اتفق المتحدثون بالندوة أن مشكلة عدم الاعتزاز باللغة ليست مشكلة طلاب الجامعة الأمريكية فقط وإنما هي مشكلة جيل بأكمله. كما يرون أيضًا أن هناك تباينًا صارخًا بين اهتمام الجيل الجديد باللغة الإنجليزية واهتمامهم باللغة العربية.
حل هذه المشكلة- كما اقترحوا- يبدأ بوضع الأساسات في البيت والحث على استخدام اللغة العربية بدلًا من اللغة الإنجليزية في الحديث اليومي عوضًا عن اختلاط اللغتين ببعض مما يضعف من اللغة العربية.
بالإضافة إلى ذلك، من أسباب ضعف اللغة العربية عند الجيل الجديد تشبعهم بالثقافة الإنجليزية عن طريق مشاهدتهم للأفلام والمسلسلات الإنجليزية مما يحسن من لغتهم الإنجليزية ولكنه يضعف من اللغة العربية.
وجدت البرنس أيضًا الكثير من الأخطاء في اللغة عندما تعاملت مع الطلاب كمحررة في جريدة القافلة بالإضافة إلى تخوفهم الشديد من الكتابة باللغة العربية التي قد تؤثر سلبًا على درجاتهم في حال لم يستطيعوا كتابة مقال جيد باللغة العربية.
قالت البرنس، مُعلّقة على تزايد إقبال الطلبة على الكتابة باللغة العربية في الآونة الأخيرة: “هناك إدراك أكبر في الفترة الأخيرة للسياق الثقافي والجغرافي الذي يدعو للتحدث والكتابة باللغة العربية للتخاطب مع جمهور مصري ناطق بالعربية على السياق المحلي أو جمهور عربي على المستوى الإقليمي”.
وجدت البرنس أن من الأخطاء التي كانت تسبب تخوف بين الطلاب من اللغة العربية هي الأخطاء الإملائية التي كانت شائعة جدًا والتي تقلل من قيمة الخبر والصحيفة الناشرة.
فسّر ضيف الله أهمية استخدام اللغة العربية الفصحى في وسائل الإعلام العربية بأنها تسمح بالتحدث إلى جمهور أعرض على المستوى الإقليمي حيث أن إستخدام الفصحى عابر للهجات ويصل إلى العالم العربي بأكمله.
قال ضيف الله: “أهمية اللغة العربية ليست من منطلق ديني أو قومي كما كان يعتقد قديمًا وإنما هي أهمية براغماتيه حيث يمثل الناطقون بالعربية تكتلًا لغويًا على مستوى الهوية له أسس وأساليب سياسية واقتصادية مختلفة عن الناطقين باللغات الأخرى”.
يقول ضيف الله أنه عندما تريد دولة صغيرة أن تزعم السيادة على الرقعة العربية فإنها تتحدث بالفصحى حيث أنها لغة موحدة للمنطقة العربية بأكملها. من هذا المنطلق، يرى ضيف الله أن مصر مكتوب عليها أن تتحدث بلغة تتجاوز العامية المصرية لأنها تتزعم – سياسيًا وعسكريًا- منطقة تزيد عن ٣٠٠ مليون عربي.
ينصح رضوان الطلاب الذين يسعون إلى تحسين لغتهم العربية بعدم الاعتماد فقط على الصحف الإلكترونية التي تستخدم لغة رقيقة ولكن الإعتماد على مصادر عديدة منها قراءة الصحف الورقية والتي تمر بمرحلة المصحح اللغوي بالإضافة إلى دراسة ومتابعة الإنتاج الأدبي لأساطير اللغة مثل نجيب محفوظ وطه حسين.
وتنصح البرنس الطلاب بعدم التخوف من الكتابة باللغة العربية والاعتزاز بما يكتبونه، بالإضافة إلى امتصاص الثقافة العربية بكل السبل عن طريق القراءة والاستماع إلى الأغاني العربية وخاصة القصائد، كالتي تشدو بها كوكب الشرق أم كلثوم.
أخيرًا، ينصح ضيف الله الطلاب الذين يريدين أن يقودوا مجال تخصصهم أيًا كان أن يكونوا مثقفين باللغة العربية ليتعلموا كيف يفكر الآخرون.