حكايات مي سرحان عن سيد درويش
تقرير: يمنى عامر
قدمت مي سرحان، الشاعرة والمترجمة الفلسطينية والمصرية، محاضرة عبر منصة زووم عن “ترجمة الشعر باللهجة العامية المصرية، دراسة حالة سيد درويش”، نظمها مركز دراسات الترجمة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، في منتصف شهر فبراير.
بدأت المحاضرة بالحديث عن سيد درويش “الأب الروحي للموسيقى العربية الحديثة”. ولد سيد درويش في محافظة الإسكندرية في ١٧ من مارس ١٨٩٢ وتوفي ١٠ سبتمبر ١٩٢٣، ولحن درويش العديد من الأغانى ومن أشهرها “النشيد الوطني” و”قوم يا مصري” و”طلعت يا محلى نورها” و”أهو ده اللي صار” حيث ترجمتها مي سرحان خلال الاحتفالية المئوية على إنشاء الجامعة الأمريكية بالقاهرة بتكليف من الدكتور علاء الدين إدريس، الرئيس الأكاديمي المشارك للبحث والابتكار والإبداع بالجامعة الأمريكية، والمجموعة التي تمت ترجمتها ضمت ٢٤ أغنية من أعمال سيد درويش.
وعن أعماله، أضافت الدكتورة إيمان سليمان، مدرس أول ورئيس قسم تعليم اللغة العربية في الجامعة في حوارها مع القافلة: “إنها [ألحان سيد درويش] خالدة، كل شيء عن أغانيه عبقري وحقيقي ويمكن بسهولة أن يتناسب مع كل الأعمار. لقد عبرت أغانيه عن حقائق عصره، تلك الحقائق التي هي أيضًا حقائق بشرية بشكل عام في كل عصر وزمان؛ أوقات السلم وأوقات الثورة والحرب. تجد أغانيه مكانًا في قلوب الجميع أينما كانوا في العالم العربي، إنه يعبر عن تطلعات الفقراء، ويصور حياة الناس العاديين وعملهم اليومي بالإضافة إلى العزيمة الوطنية للزعماء الوطنيين”.
تم التطرق إلى دور درويش في تشكيل الأغنية المصرية، حيث أنه لم يكن يوجد تراث فني مصري قبل سيد درويش، بل كانت سيطرة من أغاني متأثرة بالثقافة العثمانية وكان مستمعوها من النخبة، حيث كان التراث المصري عبارة عن الأناشيد الدينية والموالد، بدأ درويش بإدخال آلات موسيقية جديدة مثل العود والربابة، والتي هي في الأصل آلات موسيقية قديمة من التراث المصري.
قالت مي سرحان في حوارها مع القافلة: “الكلمة في اللغة هي نتاج مكان وزمان وسياق ثقافي وتخليد بصري ولحظة تاريخية، كل هذه الجوانب كانت مخفية في موسيقى وكلمات درويش، بالإضافة إلى الحماسة الوطنية لعام ١٩١٩م والحنين والفكاهة والحميّة المصرية الأصيلة، كان تفريغ كل هذه الجوانب تجربة ثرية تمامًا”.
أضافت سرحان خلال المحاضرة أن أغاني درويش وصلت إلى الطبقة العاملة من عمال المصانع وغيرها ووحدت الشعب تحت الاحتلال البريطاني.
شرحت الدكتورة سليمان: “كانت أغاني المقاومة في مصر من الأسلحة المؤثرة في كل معارك الشعب المصري سواء من أجل الاستقلال في فترات الاحتلال، أو مواجهة كل حاكم ظالم، أو مواجهة السياسات التي يرفضها الشعب. يمكن للعديد من الأشخاص حول العالم بشكل عام والمنطقة العربية بشكل خاص الارتباط بهذه التجربة. وعبرت أغنية “أهو ده اللي صار” عن معاناة الناس وتطلعاتهم وأحلامهم وخرجت عن الأعراف النمطية أو الرسمية أو التقليدية للعصر سواء في الموسيقى أو جودة الكلمات”.
أثناء المحاضرة أبرزت سرحان محاولتها للحفاظ على ترجمة نفس المعنى مع الحفاظ على القافية وعن صعوبة الحفاظ على القافية طوال الوقت. وقالت: «إن بعض المفردات كان من الصعب ترجمة مثل “علاولة” و”يرازو فيا”.
شاركت سرحان الحضور صعوبة ترجمة اللهجة المصرية كما شاركت الحضور بعض أغاني سيد درويش التي تم ترجمتها.
وأضافت عند سؤالها عن كيفية التغلب على بعض الصعوبات: “ترجع اللغة لأكثر من مائة عام وهي خليط بين الفرنسية والإنجليزية والإيطالية والفارسية والمصرية العامية أو حتى الثرثرة البسيطة في بعض الأحيان.، لذلك كانت مليئة بالألغاز. على هذا النحو،لهذا، استعصى علي استخدام القاموس الذي يُعد عتاد كل مُترجم، ودرع كل مترجم و لذلك اتصلت بوالديّ كثيرًا للمساعدة، لأنهما أكثر دراية بهذه اللغة الخاصة بتلك الفترة. سألت أيضًا أصدقاء على فيسبوك ومترجمين آخرين. في بعض الأحيان كنت أعتمد على إحساسي”.
علقت سليمان على صعوبة ترجمة اللهجة المصرية قائلةً: “ترجمة الأدب هي الصعبة، لا العامية المصرية؛ إن المهمة تحتاج فقط إلى مترجم على دراية باللغة العامية التي يترجم إليها. إن تحدي المترجم الأدبي ليس على المستوى الدلالي بشكل أساسي، بل يكمن دائمًا في المستويات الثقافية والمجازية للترجمة وعلى مستوى التقاط تجارب إنسانية محددة ثقافية بطريقة هادفة للجمهور الجديد والثقافة الأخرى”.
وختمت سرحان المحاضرة بالحديث على كتابها “أهو ده اللي صار” الذى نشرته الجامعة الامريكية بالقاهرة، والذى يحتوى على بعض أغاني سيد درويش المؤثرة باللغة الانجليزية خلال فترة ثورة ١٩١٩.