جولة في عالم أدب الأطفال خلال أمسية فنية
تقرير: إنجي أكرم
أقام قسم الحضارات العربية والإسلامية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ندوة ثقافية الأسبوع الماضي للتحدث عن أدب الأطفال في مصر والوطن العربي تحت رعاية برنامج الموسم الثقافي العربي بالتعاون مع مؤسسة بايارد دودج.
تناولت الأمسية حديثًا مفصلًا حول أدب الأطفال من حيث عملية كتابته ومكانته في العالم العربي حيث اجتمعت كل من ياسمين مطاوع، الباحثة والكاتبة وأستاذة في قسم البلاغة والتأليف في الجامعة الأمريكية بالقاهرة والكاتبة هديل غنيم التي أُصدَرت لها كتب “عدساتك يا عبلة” و”ليالي شهر زيزي”.
تحدثت غنيم عن كتابها الأخير “هذه عدساتك يا عبلة”. فهو كتاب للأطفال يُسرد من خلال عبلة، الطفلة التي تسكن في منطقة شعبية وترى كل شئ جميل. ذلك على عكس أخوها الذي وُصِفَ بالتشاؤم.
شرحت أن الإلهام وراء “هذه عدساتك يا عبلة” كان براءة الأطفال؛ فالقصة تعكس بيت مصري تقليدي في منطقة شعبية وفيه تعيش عبلة مع عائلتها. قالت غنيم: “عبلة ترى الدنيا جميلة لأنها بحاجة إلى نظارات نظر” وبعد ارتدائها النظارات تكتشف أن أخاها الذي كان يراه القارئ طوال القصة كشخص متشائم، ليس كذلك، “بل كان يرى العالم على حقيقته.”
وقالت غُنيم عن كتابها الآخر “ليالي شهر زيزي”، أنها اعتمدت على نسخة قديمة ترجع إلى عام ١٨٠٠ من كتاب “ألف ليلة وليلة” وقصة “احكِ يا شهرزاد” بشكل خاص لتكون مصدر إلهامها. فكانت الفكرة وراء ذلك هي الرجوع بالزمن وإحياء التراث وإعادة سرد القصة لإحياء ذكراها حتى يتعرف عليها أطفال هذا الجيل.
ثم أضافت أنها فكرت في إعادة سرد ألف ليلة وليلة لأن الناس حول العالم يعيدون سرد الحكايات، على سبيل المثال، كتاب علاء الدين من ديزني والذي يعتبر رمز شج للاستشراق كما أنه يبرز صور سلبية كثيرة عن العرب وذلك بغض النظر عن أصله.
وكان ذلك السبب الرئيسي وراء كتابة غنيم جزءًا من ألف ليلة وليلة، لتشعر بملكيتها للقصة دون وضع السلبيات فيها وتقديمها للأطفال. فمنذ نعومة أظافرها، اعتادت على إعادة السرد بشكل عام كما اعتاد الجميع على إعادة قصص التراث حتى تصل بشكل أسهل وأبسط للأطفال من خلال التليفزيون أو حتى الإذاعة.
لذا أرادت غنيم الكتابة لأطفال اليوم بشكل مبسط يمكنهم تداوله لكي “يمتلكوا هذا التراث بشكل مناسب لهم”.
احتاجت غنيم لتغيير العديد من الأشياء في “ليالي شهر زيزي”، فأوضحت: “فكرت أعمل حاجة معاصرة تكون القصة الإطارية” حيث أرادت مزج أدب الطفل المعاصر مع الاحتفاظ بإطار القصة الشعبية المصرية القديمة كما أنها اختارت أن يكون الأبطال أطفال لتكون قريبة من القارئ وحتى يستطيع الارتباط بها.
جاءت مطاوع لتسأل “فما هو مدى تأثير الكتاب على القارئ؟”. ثم أكملت بأن الكتب التربوية تنقل للطفل توقعات المجتمع للبنين والبنات وتجديد تلك النظرة يترك المجال للمجتمع لرفض أو قبول تلك النظرة.
ومن أهم طرق تجديد النظرة والخطاب هي إعادة الحكي، وهنا أشارت مطاوع إلى “ليالي شهر زيزي” موضحة أن إعادة سرد القصص يحيي التراث والفلكلور المصري مجددًا.
كما أن قصص الأطفال تعدهم للمشاركة المجتمعية في المستقبل، حيث يبدأ الأطفال بالمشاركة في المجتمع من خلال ما تعلموه من القصص وذلك من خلال مختلف القصص التي تتعامل مع نمط الحياة الطبيعية للطفل وتتناول مشاكل مدنية كمشاكل المياه والبيئة.
بالتالي يُعِد مؤلفي قصص الأطفال، الصغار لإحداث تغيير في عالمهم الصغير و يشجعونهم في هذا السن الصغير للاهتمام بمختلف القضايا ويساعدوهم على اكتساب مهارات مثل التي قرأوها في القصص للتصدي للمشكلات المستقبلية في العالم الذي بات يتغير بوتيرة سريعة.
ومن هُنا شددت مطاوع على أهمية قراءة الأطفال قائلة: “القراءة تتصدى للتشتت الذي يمكن أن يعيش فيه الطفل”. فالقراءة عمل ثوري، فهي تأخذ الوقت والتفكير كله ولا يمكن للقارئ ممارسة أي شيء أثناء القراءة مهما كان بسيط.
عملية “فك شفرة الكلمات” رياضة عقلية مهمة وذات تأثير ملموس وواضح.
ولذلك تنصح مطاوع ب “إدراج القراءة الحرة كركن أساسي من التعليم الإلزامي” وذلك ليتمتع كل الأطفال بالمهارات التي يتم اكتسابها من القراءة.