عينٌ على غزة: تحليل سياسيّ للعدوان الأخير وتطوّراته
تحرير: ماسة أحمد
تصوير: نهى نجيب
لَم يكُن السّابعُ من أكتوبر يوماً عاديًّا للفِلَسطينيّين عامّةً وأهلِ غزة خاصةً، فمنذُ هذا اليوم التفَتت أنظارُ العالمِ إلى تلك الرقعةِ الصغيرة الواقعة في جنوبِ غرب فلَسطين والتي تضمُّ أكثرَ من مليونيّ فرداً يعيشون تحت حصارٍ إسرائيليٍّ منذ ١٧ عاماً وحتى هذه اللحظة.
وِفقًا للتغطيات الإخبارية خلال هذه الأحداث، قرر جيش الاحتلال أن يشُنَّ حرباً شاملةً على غزّة. إلا أن هذه الحرب لا تشبه أبدًا ما شَهِده القطاع من حروبٍ سابقة.
وتماشيا مع تلك الأحداث الساخنة، بدأت الجامعة في عقد ندوات لمناقشة القضية الفلسطينية من عدة جوانب. كان قد أعلن قسمُ العلوم السياسيّةِ في الجامعة الأمريكيّة بالقاهرة عن جلسةٍ نقاشيّة عُقِدت بالتعاون مع كليّة العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة للحديث عن الأحداثِ الأخيرة في غزّة وتطوراتها.
حضَر هذه الجلسة أحمد دلّال، رئيسُ الجامعة الأمريكية وإيهاب عبد الرحمن، الرئيس الأكاديمي للجامعة، الذَين أبدَيَا اهتمامًا لآراء الطلبة ومطالبِهم فيما يتعلق بمساعدة الشعب الفلسطينيّ والطلاب المتأثرينَ بشكلٍ سلبيّ.
شاركَ في هذا النقاش خمسةٌ من دكاترة العلوم السياسيّة ذوي الخبرة في الجامعة، حيث أضافوا تحليلاتِهم لمُجريات العدوان وأثرِه على سكان غزّة من ناحيةٍ قانونيةٍ وإنسانية.
افتتح النقاش سِيد ماسوود، عميدُ كليّة العلوم السياسيّة، والذي عبّرّ عن رفضه لما يحدث للأبرياء والأطفال في غزة، وأضاف في حديثه أنّ الموقف الإسرائيليّ واضحٌ في تعامله مع سكان غزة، فالاحتلال لا يعتبرهم أبرياء أو مدنيين.
بدأ إبراهيم عوّاد، أستاذ بقسم السياسة العامة والإدارة، بشرح موقف الأمين العام للأمم المتحدة والذي صرّح مؤخرًا أنّ العمليّة التي قامت بها حماس ما هي إلا ردة فعلٍ طبيعيةٍ لشعب تم احتلاله لأكثر من ٥٦ عاماً.
قال عوّاد، “أظنّ أن عمليّة السابع من أكتوبر شجعت على طرح سؤالٍ جديدٍ ومختلف عن القضية الفلسطينية. وسؤالي هنا، ما هي الخيارات المتاحة للشعب الفلسطيني؟ هل يجب عليهم أن يقبلوا بالاحتلال أم أن يستمروا بالمقاومة؟”
أضاف عوّاد أنّ قبولَ الفلَسطينيين لهذا الاحتلال يعني بالضرورة قبولهم للقتلِ المستمر، نقاطِ التفتيش اللانهائيّة، المستوطنات غيرِ الشرعيّة وجميع أشكالِ القمع التي سيتعرّضون لها. بالطبع كان على الفلسطينيين أن يقاوموا عن طريق عمليات مستمرة ومستدامة، هذه المرحلة كما وصفها عوّاد ستؤدي بالتأكيد إلى خسارة العديد من المدنيين.
قام بهجت قرني، أستاذ العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي بقسم العلوم السياسية، لاحقاً بالإشارةِ إلى حديث السياسيّة الأمريكيّة وإحدى المُرشّحين للانتخابات القادمة، نِكي هالي، لتوضيح موقف الغرب من هذا العدوان.
قال قرني، ” أوضحت هايلي أنّ هذه حربٌ بين الخير والشرّ، وفي محاربة الشر لا يوجد حلّ أوسط ولا مساومة. وعند التفكير بهذه الكلمات نجد أن النتيجة متوقعة، فقد قام الاحتلال بشيطنة الجانب الفلسطينيّ وتجريده من الإنسانيةِ لتبرير أفعاله”.
بالنسبة لقرني، فشل الإعلام في تقديم إجابة للعديد من الأسئلة المنتشرة مؤخرًا، كأسباب دعم بعض الفلسطينيين لحماس والأسئلة المتكررة حول تجاوزات الاحتلال بالضفة الغربية بالرغم من انعدام أي تواجد لحماس في تلك المنطقة على سبيل المثال.
ركزّ كل من جايسون بيكيت، أستاذ بقسم القانون، ونسرين بدوي، أستاذ بقسم العلوم السياسية، على السياسات العالمية وموقف القانون الدولي، حيث أوضح بيكيت أنّه يمكن رؤية القوانين الدوليّة كأداة للاستعمار بطبيعَتها بل ويمكن اعتبار الأمم المتحدة نتيجة للاستعمار حيث كان الهدف من تأسيسها الحفاظ على نظامٍ دوليّ في ظلِّ قوى استعماريّةٍ جديدة كالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي.
أشارت بدوي في تحليلها لاحقًا إلى أنّ الأسئلة السائدة في هذه الظروف ما هي إلا بداية لنقاش أوسع وأعمق حول القضيّـةِ الفِلسطينيّـة وأن ما يحدُث حاليًا هو إبادة حقيـقيّة للشعب الفلـسطينيّ.
أما شون لـي، أستاذ بقسم العلوم السياسية، فقد أوضح أنّ الشعبَ الفلسطينيّ كان قد جرّب كلَّ أنواعِ المقاومةِ المُمكنة ومنـها السلميّة إلّا أنّ كلَّ هذه الخيارات تبدّدت عندما قوبلت بالعنف والقتل من قبل الاحتلال.
وضح لِـي أن “الاحتلال قام بالفعل بقتلِ أو سجنِ رموز المقاومةِ السلميّة خلال رحلتهم نحو أهدافهم. أما المحظوظون منهم فقد تم نفيهم خارج بلادهم لمنعهم من أي جهودٍ مساندةٍ للشعبِ الفلسطينيّ”.