الحكومة الإيرانية والانتخابات الأمريكية
تحرير: غادة رمضان
في جلسة بعنوان “مفاجأة أكتوبر” تحدث مايك ريمير، أستاذ التاريخ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، الاثنين ١٠ سبتمبر عن الثورة الإيرانية لعام ١٩٧٩، وعلاقتها بهزيمة جيمي كارتر في الانتخابات الأمريكية عام ١٩٨٠.
في سجلات التاريخ الأمريكي، انتشر مصطلح “مفاجأة أكتوبر”، والذي لاقى الكثير من الاهتمام المقترن بالفضول تجاه المنعطفات الخاصة بالتاريخ الأمريكي. ذكر ريمير أنه اختار “مفاجأة أكتوبر” عنوانًا للمحاضرة اقتباسًا من فيلم يحمل نفس العنوان.
يشير مصطلح “مفاجأة أكتوبر” لنظرية مؤامرة تشير لوجود معاهدة سرية ما بين حملة رونالد ريجان الانتخابية والحكومة الإيرانية أثناء دورة الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام ١٩٨٠، والتي أدت في النهاية لهزيمة كارتر في تلك الدورة الانتخابية. نصت تلك المعاهدة على تعمد المماطلة في إطلاق سراح الرهائن الأمريكية في إيران.
ذكر ريمير أن “أزمة الرهائن الأمريكية في إيران” بمثابة مواجهة دبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران استمرت لمدة ٤٤٤ يومًا، من ٤ نوفمبر ١٩٧٩ إلى ٢٠ يناير١٩٨١. بدأت الأزمة عندما اقتحم متشددون إيرانيون، معظمهم من الطلاب، السفارة الأمريكية في طهران بإيران. تم احتجاز ٥٢ دبلوماسيًا ومواطنًا أمريكيًا خلال هذا الاقتحام. طالب المختطفون بتسليم الزعيم الإيراني السابق، محمد رضا شاه بهلوي، الذي كان قد سافر إلى الولايات المتحدة من أجل تلقي العلاج الطبي.
أعرب ريمير عن أن الأزمة جاءت نتيجة للعلاقة الطويلة المعقدة بين الولايات المتحدة وإيران، وخاصة الاعتقاد السائد بين الإيرانيين بأن الولايات المتحدة دعمت حكم الشاه بمختلف الوسائل، بما في ذلك الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي. ولذلك كان في مصلحة حملة ريجان تأخير إطلاق سراح الأسرى كخطة دبلوماسية لكسب الجماهير في صفوف اﻷخير، والذي أظهر مدى تعقيد الشئون الدولية وتأثيرها وتأثرها بأصغر الأحداث.
تعمقت المحاضرة في تفاصيل العلاقات الدولية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، وإقامة الجمهورية الإسلامية تحت حكم آية الله الخميني. وقد أوضحت المحاضرة بُعد أعمق لهذه الحادثة تتعدى مجرد السياسة، حيث أكدت على تأثيرها على طرق السرد التاريخي والدبلوماسية الدولية. بالإضافة إلى ذلك، ناقشت أهمية التأكيد والتوثيق في تحليل التاريخ.
كانت تلك المحاضرة واحدة من سلسلة محاضرات برنامج التوعية والأنشطة من قبل مركز الأمير الوليد للدراسات الأمريكية والبحث (CASAR)، التابع لكلية الشؤون العامة والسياسات الدولية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.
أخبر جون ميلوي،عميد مبنى العلوم الإنسانية والاجتماعية بالجامعة، القافلة أنه من المفضل لطلاب قسم السياسة بشكل خاص وطلاب الجامعة بشكل عام حضور مثل هذه الجلسات بهدف مناقشة الأفكار التي أشار إليها ريمير في محاضرته، مثل الاستعداد لبحث أدلة جديدة على أحداث تاريخية فاصلة، وممارسة ما يُعرف بـ “التأريخ النقدي”.
أضاف ميلوي”يجب علينا أن نكون منفتحين، حيث لدينا آراء حول أحداث وسرديات معينة، ويجب علينا أن نكون مستعدين لوجهات النظر الجديدة”.
قال مارك ديتس، مدرس مساعد والرئيس الحالي لمركز الأمير بن طلال للدراسات الأمريكية، أنه تولى منصبه هذا الصيف، وأنه بعد وباء الكورونا تعرض المركز لأزمات مادية. أدرك ديتس أن القسم يضم مجموعة متميزة من الأساتذة وأننا لا نحتاج إلى محاضرين من خارج الجامعة، فلم تكون الأزمة المادية عائقًا أمام عقد محاضرات؟ وهكذا بدأت فكرة سلسلة الجلسات بواسطة المركز.
“مهمة المركز هنا هو محاولة تبسيط سياسات أمريكا لأهل الشرق الأوسط، فإن ريمير يُدرّس مادة العلاقات الدولية بين أمريكا والشرق الأوسط على مر الأربع سنوات الأخيرة؛ ومن هنا جاءت فكرة تنظيم تلك السلسلة من الندوات” أضاف ديتس.
تعتقد سارة عبدالفتاح، طالبة بالسنة الأخيرة بقسمى التاريخ والسياسة بالجامعة، أن تلك المحاضرة جعلتها تدرك صعوبة التنبؤ بأي شيء حيث إن السياسة والعلاقات بين الدول معقدة للغاية، والسياق يلعب دورًا مهمًا.
أضافت عبد الفتاح أن الدكتور ريمير ذكر حقيقة حاسمة بأن التاريخ يتغير، و يمكن لأي شخص اكتشاف تفسيرات جديدة أو أدلة جديدة تغير تمامًا ما نعتقده أنه حقيقي. التاريخ ليس مجرد مجموعة من المعلومات القديمة نحفظها، لكنه عملية بنيت بشكل تحليلي ودائم التطور”.
على نفس الوتيرة، ترى سلمى هاشم، طالبة بقسم السياسة بالسنة الثانية بالجامعة، أن هناك العديد من الأمور التي لم يكن لها ان ترى النور يومًا ولن نعرف عنها أبدًا لولا المؤرخين والباحثين السياسيين. كما تعتقد أن إعادة بناء الحقيقة عملية ضرورية لفهم عالمنا، سواء لتنبؤ المستقبل أو لتحقيق العدالة لأولئك الذين يستحقونها.
أشار ديتس أيضًا إلى أن المركز يحاول أن يتجنب التركيز على البعد السياسي فقط ، فهناك محاضرة في آخر سبتمبر عن وسائل التواصل الاجتماعي، وأخرى عن التحرش الجنسي ستُقام نوفمبر القادم.