منع خدمة توصيل المطاعم إلى سكن الجامعة : لحماية الطلاب أم زيادة معاناتهم؟
تقرير: مريم داوود
تحرير:مهند أبو سريع
خلال السنوات الماضية، أصبحت خدمات التوصيل من المطاعم والمتاجر المختلفة جزءًا لا يتجزأ من حياة طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة، لا سيما المقيمين في السكن الجامعي. حيث اعتمد الطلاب بشكل كبير على تطبيقات التوصيل والمطاعم المحلية. إلا أن الجامعة مؤخرًا فرضت سياسة جديدة تقضي بمنع توصيل الطعام إلى السكن الجامعي، مما أثار استياء العديد من الطلاب الذين اعتبروا القرار تقييدًا لراحتهم وخياراتهم اليومية.
وفقًا لمكتب الأمن بالجامعة، جاء هذا القرار استجابةً لمخاوف أمنية تتعلق بتزايد أعداد عمال التوصيل داخل الحرم الجامعي. وفي هذا السياق، أوضح أحد أفراد الأمن عند بوابة السكن الجامعي قائلًا: “سلامة الطلاب هي أولويتنا القصوى. لقد لاحظنا دخول عدد كبير من عمال التوصيل يوميًا دون رقابة كافية، الأمر الذي قد يشكل مخاطر أمنية محتملة. لذا، كان من الضروري إعادة النظر في سياسة التوصيل لضمان بيئة أكثر أمانًا داخل الحرم الجامعي”.
لكن من وجهة نظر الطلاب، لم يكن هذا القرار سهل التقبّل، إذ أضاف تحديات جديدة إلى حياتهم اليومية في السكن الجامعي. حيث يعتمد طلاب السكن الجامعي بشكل أساسي على خيارات الطعام المتاحة داخل الحرم. ومع ذلك، لا تُعد الكافتيريات الجامعية دائمًا خيارًا مثاليًا، حيث يشتكي العديد من الطلاب من قلة التنوع في الوجبات، وارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى محدودية ساعات العمل، مما يجعل الحصول على الطعام في أوقات معينة أمرًا صعبًا.
تعكس بسملة نصر، طالبة في كلية الهندسة، معاناة الكثير من الطلاب بقولها: “طلاب الهندسة غالبًا ما يسهرون لساعات متأخرة لإنهاء مشاريعهم ودراستهم. عندما أشعر بالجوع في منتصف الليل ولا أجد أي خيار متاح، يكون الوضع صعبًا للغاية. منع التوصيل زاد من تعقيد الأمور وجعل إيجاد الطعام في هذه الأوقات شبه مستحيل”.
نظرًا لاعتراض العديد من الطلاب على القرار، تدخل اتحاد الطلاب في الجامعة بعد أن أصدر بيانًا رسميًا نشره على منصاته في وسائل التواصل الاجتماعي، أكد فيه رفضه لقرار منع التوصيل بالكامل، مشيرًا إلى أنه يفرض قيودًا غير مبررة على طلاب السكن الجامعي.
استجابة لذلك، عقد الاتحاد اجتماعًا مع مكتب الأمن لمناقشة القضية ومحاولة التوصل إلى حل يُرضي جميع الأطراف. وبعد سلسلة من المفاوضات، وافقت إدارة الجامعة على تعديل القرار، بحيث يُسمح بخدمات التوصيل خلال أيام الأسبوع، مع الإبقاء على الحظر ساريًا خلال عطلة نهاية الأسبوع، في محاولة لتحقيق التوازن بين الأمن وراحة الطلاب.
كما قررت الجامعة تحديد نقطة استلام جديدة عند المجمع الرياضي، حيث يمكن للطلاب استلام طلباتهم بدلًا من تلقيها عند بوابة السكن أو البوابات الأخرى حول الجامعة. وفقًا لمكتب الأمن، يساعد هذا الإجراء في الحد من عدد عمال التوصيل الذين يدخلون إلى الحرم الجامعي، مما يعزز الأمن والرقابة.
من جانبها، ترى جيدة عيسى، طالبة في كلية العلوم السياسية، أن هذا الحل لا يزال غير كافٍ، حيث علّقت قائلة: “صحيح أن القرار أصبح أفضل مما كان عليه، لكنه لا يزال غير منطقي. لماذا لا يتم فحص عمال التوصيل بدلاً من فرض قيود زمنية علينا؟ نحن الآن غير قادرين على الطلب خلال عطلة نهاية الأسبوع، ولا حتى في أوقات متأخرة من الليل! هذا يجعل الأمر صعبًا على الكثير من الطلاب الذين يعتمدون على التوصيل كخيار أساسي للحصول على وجباتهم”.
على الرغم من اعتراض العديد من الطلاب على القرار، هناك من يتفهم دوافعه. جنة العياري، طالبة في كلية إدارة الأعمال، تعلّق على الأمر قائلة: “في الماضي، كان عمال التوصيل يدخلون إلى السكن الجامعي بشكل مستمر. لم أشعر بعدم الأمان شخصيًا، لكنني أستطيع تفهم مخاوف الأمن. في النهاية، السلامة أمر مهم، لكنني أتمنى أن تكون هناك حلول أخرى توازن بين الأمن وراحة الطلاب”.
لكن بالنسبة للبعض، فإن مسألة السلامة لا ينبغي أن تكون مبررًا للحد من الخيارات الأساسية للطلاب. في هذا السياق، تعلّق جيدة عيسى قائلة: “طلاب السكن الجامعي يعانون أكثر من غيرهم بسبب هذا القرار. زملاؤنا الذين يعيشون خارج الحرم يمكنهم طلب الطعام متى أرادوا، بينما نحن مجبرون على الالتزام بقيود غير عادلة تحدّ من حريتنا في اختيار وقت وطريقة الحصول على وجباتنا.”
أثار قرار تحديد نقطة استلام الطلبات عند المجمع الرياضي آراء متباينة بين الطلاب؛ فبينما يرى البعض أنه حل عملي يساعد في تنظيم عملية التوصيل، يرى آخرون أنه يزيد الأمور تعقيدًا بدلاً من تسهيلها.
بسملة نصر، طالبة في كلية الهندسة، تعتقد أن هذا الإجراء غير مريح وتعلق قائلة: “كان الأمر أسهل عندما كنا نستطيع استلام طلباتنا من أي بوابة قريبة. أحيانًا أكون في المكتبة للدراسة، والذهاب إلى نقطة استلام واحدة فقط يجعل الأمر أكثر تعقيدًا بدلًا من تسهيله”
من وجهة نظر الأمن، هذه التعديلات تمت بالفعل بهدف تحقيق التوازن بين راحة الطلاب ومتطلبات الأمان. ممثل من مكتب الأمن يوضح: “نحن نتفهم أن الطلاب يشعرون بالإحباط، لكن علينا أن ننظر إلى الصورة الأكبر. أمان الحرم الجامعي مسؤوليتنا، وقد تم اتخاذ هذه القرارات بعناية لتجنب أي مخاطر محتملة”.
أدى قرار الحظر إلى تغييرات كبيرة في أسلوب حياة طلاب السكن الجامعي، حيث بدأ البعض في تخزين وجبات خفيفة ومعلبات كبديل احتياطي عند الحاجة، بينما لجأ آخرون إلى التنسيق مع أصدقائهم الذين يعيشون خارج الجامعة لطلب الطعام نيابةً عنهم.
ورغم التعديلات التي أُجريت على القرار، لا يزال الجدل مستمرًا بين الطلاب، حيث يطالب الكثيرون بمزيد من التعديلات، مثل تمديد ساعات التوصيل، أو على الأقل السماح به خلال عطلة نهاية الأسبوع. حتى الآن، لم تصدر الجامعة أي تصريحات رسمية حول إمكانية مراجعة السياسة مرة أخرى، لكن الطلاب يأملون أن تستمر المناقشات لإيجاد حلول أكثر توازنًا تلبي احتياجاتهم دون التأثير على الأمان داخل الحرم الجامعي.