منصة تخرج أم منصة مزاد؟ إعادة بيع التذاكر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة
تقرير: هنا سامي
تحرير: جويرية سليمان
بعد طول انتظار لهذه اللحظة الاستثنائية، أصيب بعض طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة بالإحباط والتوتر بسبب عدم تمكن أحبائهم من حضور حفل تخرجهم. لم يكن السبب ظرفًا قهريًا، بل بسبب نقص التذاكر المخصصة للحفل، ما أثار العديد من التساؤلات حول الجهة المسؤولة عن هذا النقص: هل هو قرار من إدارة الجامعة أم نتيجة سوق غير رسمية نشأت بين الطلاب؟
في حين تساءل البعض عن مدى مسؤولية الجامعة في تحديد عدد التذاكر المتاحة، أشار آخرون إلى احتمالية وجود تجارة داخلية بين الطلاب، حيث يقوم البعض بإعادة بيع التذاكر بأسعار مرتفعة، مما جعل الحصول عليها أمرًا صعبًا للبعض. هذا الوضع أثار جدلًا واسعًا داخل الجامعة، حيث وجد العديد من الطلاب أنفسهم في موقف محبط بسبب عدم قدرتهم على تأمين تذاكر لعائلاتهم وأصدقائهم، مما جعلهم يشعرون بأن فرحتهم لم تكتمل بسبب قيود غير واضحة على توزيع التذاكر.
ومع تكرار هذه المشكلة كل عام، ظل الطلاب يأملون في تغيير الوضع، لكن دون جدوى. وعلى الرغم من محاولات الجامعة تبرير القيود المفروضة على عدد الحضور، إلا أن التساؤلات لا تزال قائمة: لماذا يجب أن يتحول يوم الاحتفال بإنجازاتهم إلى معركة للحصول على مقعد؟
“بسبب العدد المحدود من التذاكر، يلجأ بعض الطلاب إلى شرائها بأسعار مرتفعة، وهو ما أراه غير أخلاقي تمامًا”، علّقت حبيبة سعودي، خريجة من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، على تجربتها في محاولة الحصول على تذاكر لحفل التخرج. حبيبة ليست الوحيدة، فهي واحدة من مئات الطلاب الذين يشعرون بالإحباط، حيث يرون أن أصواتهم لا تصل إلى إدارة الجامعة، مما يزيد من إحساسهم بعدم العدالة في تنظيم هذا الحدث الذي من المفترض أن يكون تتويجًا لسنوات من الجهد والعمل.
كان ولا يزال السبب الرئيسي وراء استغلال مشاعر الخريجين وتحقيق مكاسب شخصية هو إعادة بيع التذاكر بأسعار خيالية. فبدلًا من أن يكون حفل التخرج مناسبة احتفالية حميمية، تحول إلى تجارة غير مشروعة، أو بالأحرى “سوق سوداء” تستنزف الطلاب الذين لا يرغبون في أن تمر هذه اللحظة دون أحبائهم.
يوسف نشار، خريج كلية الهندسة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، كان أحد المتضررين من هذه الأزمة، حيث اضطر لدفع مبالغ باهظة للحصول على تذاكر لعائلته. وعن تجربته، يقول: “لم يكن أمامي خيار. أردت أن تكون عائلتي بجانبي في يوم تخرجي، فاضطررت لدفع أسعار خيالية لتذاكر هي مجانية من الأساس”.
اتضح أن هناك العديد من الطلاب الذين حصلوا على عدد كبير من التذاكر دون الحاجة إليها، مما أدى إلى حرمان زملائهم من فرصة حضور أفراد عائلاتهم لهذا اليوم المهم. فقد استغل بعض الطلاب نظام توزيع التذاكر للحصول على أكثر من احتياجاتهم، دون مراعاة أن هناك آخرين يتطلعون لمشاركة هذه اللحظة مع أحبائهم، مما زاد من الإحباط والاستياء بين الخريجين.
علق علي الزغبي، خريج كلية الهندسة الميكانيكية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، على هذه المشكلة قائلاً: “إنه غير عادل على الإطلاق أن يحصل بعض الطلاب على تذاكر تفوق احتياجاتهم، بينما يُحرم آخرون من وجود عائلاتهم في يومهم المنتظر. وهذا ما اضطرني إلى شراء تذكرة بسعر خيالي”.
عند إلقاء نظرة على منصة فيسبوك، وتحديدًا على صفحة “Rate AUC Professors”، يتضح السبب وراء احتفاظ بعض الطلاب بعدد كبير من التذاكر. فقد تحولت هذه التذاكر إلى سلعة مربحة، حيث يقوم بعض الطلاب بإعادة بيعها بأسعار غير منطقية، مما يشكّل ابتزازًا لمشاعر الطلاب الذين هم في أمسّ الحاجة إليها.
فعلى سبيل المثال، عُرضت بعض التذاكر للبيع مقابل ١٠,٠٠٠ جنيه مصري للتذكرة الواحدة، وهو مبلغ ضخم مقارنة بحقيقة أن الجامعة توفرها مجانًا.
قالت يسرا ناصر، خريجة من كلية محاسبة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة “بدلًا من أن أستمتع بيوم تخرجي، وأشعر بالفخر، وجدت نفسي أقاتل للحصول على تذكرة كأنها امتياز وليس حقٌ لي ولعائلتي”.
في مقابلة صحيفة القافلة مع رئيس اتحاد الطلبة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أحمد خطيب، أكد أن الاتحاد تواصل مع إدارة الجامعة لمحاولة إيجاد حل لهذه الأزمة. وأسفر هذا التواصل عن إضافة مساحة جديدة ممتدة تُسمى “Mezzanine”، والتي تتيح استيعاب حوالي 400 شخص إضافي، مما يمنح المزيد من العائلات فرصة حضور الحفل ومشاركة لحظة التخرج مع أحبائهم.
كما أضاف خطيب أنه يشعر بالتفاؤل بشأن الحلول المطروحة، موضحًا أن اتحاد الطلبة يعمل جاهدًا لمعالجة الوضع قبل أن يتفاقم أكثر. وأكد أنه لا يوجد حل نهائي لهذه المشكلة حتى الآن، ولكن يمكن الحد منها وتقليل تأثيرها، مشددًا على أن هذا جزء من مسؤولية اتحاد الطلبة في تمثيل مصالح الطلاب والسعي لتحقيق مطالبهم.
في ظل هذه الاتهامات المتزايدة حول نقص التذاكر وانتشار إعادة بيعها، علق الاستاذ يورجان مارسل، عميد شؤون الطلاب، متسائلًا: “كيف يمكن أن يكون هناك نقص في عدد التذاكر، في حين أن العديد من الطلاب يقومون بإعادة بيعها؟”
وأضافت الاستاذة راتشيل عواد، المديرة الأولى لمشاريع الشؤون الأكاديمية، أن المشكلة لا تكمن في نقص التذاكر بحد ذاته، بل في احتفاظ بعض الطلاب بتذاكر لا يحتاجونها، بدلًا من إتاحتها لمن هم بحاجة إليها. وأوضحت قائلة: “ليس لدينا نقص في التذاكر، بل لدينا نقص في الطلاب الذين هم على استعداد للتخلي عن تذاكرهم غير الضرورية.”
كما شددت على أن التذاكر ليست للبيع من الأساس، مشيرة إلى أن بعض الطلاب يعتقدون أنه يمكنهم الاستفادة المالية منها، في حين أن إعادة بيعها تتعارض مع سياسة الجامعة.
قد صرّحت راتشيل بأن “أي طالب يُثبت قيامه ببيع التذاكر سيتعرض لعقوبة صارمة.”
وفي هذا السياق، أوضح أحمد زين، المدير المساعد لمكتب تنمية الطلاب والعلاقات المجتمعية والإشراف على سلوك الطلاب، أن العقوبة قد تصل إلى منع الطالب المخالف من دخول الحرم الجامعي لفترة تتراوح بين ستة أشهر إلى عام، حسب حجم المخالفة.
ولتجنب هذه العقوبات، شددت الإدارة على ضرورة إعادة أي تذاكر إضافية غير مستخدمة إلى مكتب شؤون الطلاب، لضمان توزيعها بعدالة على من يحتاجونها بالفعل.
بعد محاولات عديدة لمعالجة المشكلة، يبدو أن الحلول لا تزال غير حاسمة. فبينما تحاول الجامعة إيجاد حلول وفرض عقوبات من ناحية، فمن الناحية الأخرى يحاول اتحاد الطلاب ويسعى أن يوسع خيارات الحضور، ولكن يبقي السؤال: هل تكفي هذه التدابير لضمان توزيع عادل للتذاكر وسعادة مطلقة للجميع أم أن المشكلة ستتكرر مع مرور السنوات؟ الوقت وحده كفيل بإجابة السؤال.