اجدد المقالاتالأخبارالسياسة

المشهد السياسي الأمريكي:إنقسام متزايد وتوترات سياسية

تقرير: جومانة مختار

تحرير: يسرا عبدالله

تصوير: مريم جلال

استضافت الجامعة الأمريكية بالقاهرة في ٢٠ فبراير ٢٠٢٥ ندوةً حول تصاعد الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة، قدّمها الدكتور دانيال برومبرغ، الخبير في شؤون الشرق الأوسط والعلوم السياسية. تناولت الندوة أسباب هذا الانقسام المتزايد وتأثيره على المشهد السياسي الأمريكي، بالإضافة إلى سبل التعامل معه وتقليل حدّته.

تأتي هذه المناقشة في ظل استمرار التوترات السياسية بعد الانتخابات الرئاسية للعام الماضي ، التي أعادت دونالد ترامب إلى السلطة، مما زاد من حدة الانقسامات الأيديولوجية، وانتشار المعلومات المضللة، وتصاعد العنف السياسي. كما ساهمت المعارك القانونية المحيطة بترامب والجدل حول حقوق التصويت في تعميق الأزمة السياسية.

وصف برومبرغ المشهد السياسي الأمريكي بأنه “عاصفة مثالية”، حيث يؤدي التراجع الاقتصادي، والاضطراب السياسي، وتأثير التكنولوجيا إلى تعميق الانقسامات الأيديولوجية

“طبقة وسطى غير راضية، ونظام سياسي يمنح تأثيرًا مفرطًا للمناطق الريفية، وعالم رقمي يعزل الأفراد في فقاعاتهم الاجتماعية، كلها عوامل رئيسية وراء هذا الانقسام.

في إطار السعي لمواجهة هذه التحديات، ناقشت الجلسة مبادرات شعبية مثل “في حذائك”، والتي تهدف إلى تقريب وجهات النظر على المستوى الإنساني بدلًا من التركيز على الفجوات السياسية. ومع ذلك، أوضح برومبرغ أن هذه البرامج تعزز الاحترام المتبادل والتفاهم، لكنها لا تقدم حلولًا مباشرة للخلافات السياسية العميقة.

كما تم طرح مقترحات أوسع نطاقًا في البحث عن حلول شاملة، من بينها إصلاح النظام الانتخابي، وتعزيز التعليم المدني في المدارس، وتشجيع الحوارات المنظمة بين الأطراف ذات الأيديولوجيات المتعارضة. وأشار برومبرغ إلى أن هذه الجهود يمكن أن تحد من التصلب الأيديولوجي وتساهم في خلق بيئة سياسية أكثر انفتاحًا.

ناقش الحاضرون من طلاب وأعضاء هيئة التدريس والمهتمين بالسياسة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة  الآراء حول كيفية مساهمة المبادرات الشعبية، وفي هذا السياق، أوضح برومبرغ في حديثه للقافلة قائلًا: “في الواقع، هذه البرامج  لا تهدف إلى سد الانقسامات السياسية بقدر ما تسعى إلى  سد الفجوات الإنسانية. إنها تساعد الناس على رؤية بعضهم البعض باحترام، بدلاً من اعتبار الطرف الآخر عدوًا وجوديًا.”

.من جانبها، علقت ليلى ممدوح، طالبة بالسنة الثانية في تخصص العلوم السياسية، على النقاش

“أنا أمريكية مصرية، وشاهدت الاستقطاب عن قرب. رغم نشأتي في بوسطن، فقد كنت ألاحظ مدى الانقسام الحاد بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي. كشخص أعتبر نفسي معتدلة وأتفق مع بعض الآراء من كلا الجانبين، كان من الصعب عليّ فهم هذا الانقسام المتزايد.”

 مؤكدةً على أهمية الندوة، أوضحت ليلى أن الجلسة عززت معرفتها السابقة لكنها سلطت الضوء على جوانب لم تفكر فيها من قبل، وقالت : “ما لفت انتباهي بشكل خاص هو مناقشة المبادرات الشعبية مثل “في حذائك” ودورها في الحد من الاستقطاب. كنت أتساءل كيف يمكن لهذه البرامج أن تؤثر فعليًا على الواقع السياسي، لذا كان  من المفيد سماع تحليل الدكتور برومبرغ حول تأثيرها على تغيير التصورات وتعزيز التفاهم بين الأفراد.”

كما سلط الضوء برومبرغ على أوجه التشابه التاريخية، مشيرًا  أن الولايات المتحدة شهدت انقسامات سياسية في الماضي، إلا أن لكن العصر الحالي يتميز بدور وسائل الاتصال الرقمية وانتشار المعلومات المضللة. وأوضح أن الإنترنت أسهم في خلق “فقاعات أيديولوجية” حيث تعزل الأفراد عن وجهات النظر المعارضة، مما يعزز قناعاتهم ويعمق الانقسامات. وأضاف للقافلة: “يعيش الناس في فقاعاتهم الخاصة، داخل عالم مغلق لا يتيح لهم التفاعل الحقيقي مع الآخرين”.

وفي ختام الندوة، عندما سُئل برومبرغ عمّا إذا كانت “العاصفة” ستتراجع، أجاب: “أعتقد أن الأمر طويل الأمد… قد يتراجع، لكن ذلك يعتمد على كيفية حدوثه. تصاعد العنف أو الاغتيالات السياسية شيء كبير قد يدفع إلى التراجع عن حافة الهاوية.” 

لقد عكست الندوة أهمية البحث في أسباب الانقسام السياسي، ليس فقط لفهم المشهد الأمريكي، ولكن أيضًا لفهم تأثير الاستقطاب على المجتمعات الأخرى. وبينما لا تزال الإجابة عن كيفية الخروج من هذه “العاصفة” غير واضحة، بدا أن النقاشات التي جرت تفتح الباب أمام فهم أعمق وأفكار جديدة حول طرق التعامل مع الانقسامات الأيديولوجية في عالمنا الحالي.